للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[رجال الحرب]

اللورد روبرتس

قضى في خلال الشهر المنصرم رجل من أساطين الحربيين عند الإنكليز، وهو شيخ في الثانية والثمانين، وقد أبت الأقدار إلا أن يقضي نحبه في زمان الحرب، وأيام القتال، بعد أن عاش هذا الدهر الأطول بين المعارك والملاحم، وقطع هذا العمر المتقادم بين السيوف واللهاذم، فكأنما قد مات كما يريد.

ولد في الهند، ونال شهرته الخالدة من ثوراتها وحروبها، كان أول خروجه إلى نور العالم في مدينة كوبنهور في شهر سبتمبر عام ١٨٣٢، فلم يكد يبلغ الحول الأول حتى بعثوا به إلى إنكلترا موطنه، فلما شب عن الكوق دفعوا به إلى كلية إيتون يتلقى فيها العلم.

ونشبت الثورة الهندية عام ١٨٥٧، فكان روبرتس في الهند برتبة الملازم وهناك كان أول مرة خرج فيها من بين مخالب الموت حياً، وذلك انه في حصار مدينة دلهي أصيب برصاصة في سلسلة ظهره الفقارية ولكن هذه الرصاصة اصطدمت بكيس كثيف من الجلد كان معلقاً فوق ظهره فنجا، وتلقاه هناك أحد الثوار وهو فوق صهوة جواده برصاصة من مسدسه، فنكص الجواد واثباً طافراً، فلم تصبه الرصاصة بل نفذت إلى رأس جواده، وصوبوا إليه يوماً فوهة مسدس، فلم تخرج القذيفة وفسد المسدس!.

وقد امتاز في قيادة الجيوش بسرعة الزحف، حتى أنه سار بجيشه في الحرب مع الأفغان ثلاثمائة وعشرين ميلاً في إحدى وعشرين ساعة.

وكان أول ما رفع إلى مراتب النبل عام ١٨٨٢، إذ أعطي لقب البارون، وكان إذ ذاك حاكم ناتال ورئيس القواد في جنوب أفريقيا.

وقد رزئ عام ١٨٩٩ بوفاة ابنه الوحيد، قتل وهو يحاول إنقاذ المدافع في موقعة كولنسو.

وقد كان هذا الرجل حتى أخريات أيامه مثال الخفة والنشاط، ينهض من نومه الساعة السادسة، فيروض نفسه بعض الترويض قبل أن يتناول طعام فطوره، فإذا كان منتصف العاشرة جلس إلى مكتبه يراسل أصدقاءه ويرد على الرسائل التي وردت إليه مع البريد، ويظل كذلك حتى الظهر، ويقضي الأصيل أما ماشياً أو راكباً أو متنزهاً في سيارته، ويتناول عشاءه في منتصف التاسعة، فإذا جاءت العاشرة كان في سريره.