للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شك في أنه يحتال على هذا الساذج ويظهر له بمظهر المخلص ذي المروءة الكريم، إن روسر لا يعلم أن صديقه الجواد الندي الكف ليس إلا جاسوساً).

فتبعته يوماً بعد الأصيل إلى فم التاين حيث كانت ملهاته تصوير السفن الداخلة فم النهر والخارجة منه، وقد قضى جزءاً من ذلك الأصيل وجل اليوم التالي في استعراض حول (خزان المياه) ثم عاد بعد ذلك إلى فم التاين فرسم الحصن الواقع هناك عدة صور من عدة جهات، وكذلك الخط الحديدي والنفق، والسفن الماخرة والميناء، والأفاريز والمرساة، وكان يبدو عليه أنه يصور أدق الصور الفتوغرافية للبلد كله، وكان يحمل معه مذكرة يكتب فيها ملاحظاته، يفعل كل ذلك جهرة على مشهد من السابلة، وعلى مرأى من الشرطة، إذ من ذا الذي يفكر في وجود الجواسيس الألمان في هذه البلدة النائية؟.

فلما كان المساء عرج على فندق المحطة، فخلع عنه معطفه وعلقه في البهو ثم ذهب إلى حجرة القهوة ليأمر بإعداد الشاي له.

وكنت قد تبعته إلى الفندق، ولكنني لم أعج على حجرة القهوة مثله، بل ذهبت إلى حجرة التدخين، وهناك طلبت شراباً حتى إذا جرعته عدت إلى الموضع الذي علق عنده معطفه.

هناك دسست يدي في خفية ورفق إلي جيب صدره، فوقعت على بعض أوراق وفي أقل من لحظة واحدة قبضت عليها فنقلتها على حبيبي، ثم دخلت في معطفي في هدوء وابتهاج، ورحت أمشي الهوينا إلى المحطة.

ولحسن الحظ كان القطار يهم بالرحيل إلى نيوكاسل فما ونيت إن وثبت إليه، فلما بعد بنا عن البلدة أخرجت الأوراق في لهفة وشوق أريد أن أفحصها، فوجدت من بينها صورة بسيطة عن خزان المياه في البلد وكيف يمكن حبس هذه المياه عنها، وخطاباً خصوصياً من رجل من رجال العمل: وهو من الأهمية بمكان وإليك نصه:

عزيزي جون - مع هذا الكتاب الفائدة أقدمها لك سلفاً - أربع ورقات من قيمة الخمسة جنيهات، فخذ في عملك كما كنت، واستعلم عن الأوامر كل ما أمكنك.

إنه ليسرني أن أقول أن العمل لا ينقصه الآن إلا القليل، ونؤمل أن يكون نصيبك من الأرباح في السنة القادمة مضاعفاً، وأنت واثق من هذا ولا ريب - اكتب لنا كثيراً، وأخبرنا عن أعمالك، فإننا أبداً مهتمون بصالحك، ليس من الحكمة منك أن ترتاب في