للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بصره عن الاهتداء إليها، وحقق لها المظان التي عثر بها الأول ثم أعرض عنها، ذلك أنه لم يلبث أن أخرج ريمر أحد علماء ألمانيا المعروفين كتاباً آخر ذكر فيه مسألة نشأة المسيح وجنسيته فلم يكن من كل بحثه إلا كلمة واحدة هي إن لم يكن المسيح ألمانياًَ فهو ولا شك حديث خرافة أماً وليس في الناس من يعده كذلك فهو قد نشأ ثمة نشأة ألمانية، بل ألم يكون المسيح وردى البشرة زرقاوي العينين أصفر الفروع زاهيها، وتلك هي الملامح الألمانية بعينها، فإذا لم يرض بعض القوم هذا الدليل فليس على المنكر المتردد إلا أن يعمد إلى التحليل لفظتي عيسي و (جرماني) وهما في الإفرنجية وفإن المقطع الأول في اللفظة الأولى وهو مقلوب عن في الثانية إذ كانوا يعتبرون حرف متحركاً ولذلك أسقطوه جملة واحدة واستعاضوا عنه حرف أما المقطع الثاني من اللفظة الأولى وهو فعلامة المذكر في اللاتينية وهي التي يقابلها في الإنكليزية والألمانية لفظة الموجودة في المقطع الثاني من اللفظة الثانية. . . فهل ثم أوضح من هذا برهاناً وأجلى مما ترى دليلاً؟!!.

ولم يقف زهو الألمان عند هذه الغاية المضحكة بل تجاوزوها فقالوا إن القرن العشرين لنا نحن الألمان، كما كان القرن السادس عشر للأسبان، وكما كان السابع عشر للفرنسيين والثامن عشر للإنكليز، بل لم يقنعوا بإدعاء ملكية القرن العشرين بل أرادوا أن يظهروا للعالم أن القرون الماضية كانت لهم جميعاً.

إن الألمان يعيشون اليوم عيشة تاريخية، كما يقول نيتشه، يعنون بالماضي كأكبر عنايتهم بالحاضر، قد أضافوا على حواسهم الخمس حاسة سادسة هي الحاسة التاريخية فترى كل غلام في المدرسة يعلم أن دانتي وروفائيل وأنجلو وماكيافللي لم يكونوا كما يشهد التاريخ من الطليان بل من الألمان، وكذلك كان نوابغ الفرنسيين أمثال العالم رابيليه والفيلسوف مونتان وباسكال وديكارت، يمنون إلى الألمانيين بدمائهم الألمانية، وليسوا من الفرنسيين في شيء كما يدعي العالم ويكذب التاريخ، فإذا سمع الصبي تلك من فم معلمه لم يلبث أن تتكون في أعماق روحه عاطفة الزهو بجنسيته فلا يستطيع أن يتمالك نفسه من الاعتقاد بأنه الدماء الألمانية والفلسفة الألمانية والآداب الألمانية والعالم الألماني وصفوة القول كل ما هو ألماني في كل فروع الحياة وأصولها أسمى مكاناً من غير الألماني وأعظم قدر!.

ونحن شارحون هنا للقراء مؤلفاً حديثاً للكاتب الألماني لدويج ولمان يثبت فيه بأدلته