للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[رجال الحرب]

ولي عهد ألمانيا

ليس ولي عهد ألمانيا في عظمة النفوذ وقوة الأثر في الأمة، وامتداد السلطان في الشعب، أقل من أبيه غليوم، ولا أصغر نصيباً، وهو اليوم رأس من رؤوس هذه الحرب وكبير من أكابرها، وليس هو كلداته ولاة العهد في سكونهم وانزوائهم قبل أن يحين حين تتويجهم، ولا هو كمية مهملة حيال سلطة الإمبراطور والده، بل ما فتئ منذ سنين يظهر لأمته شخصيته واستقلاله ومخالفته لأخلاق آبائه ملوك هو هنزلرن وتقاليدهم وآدابهم ورسومهم، حتى نال من قلب الشعب مكاناً رحباً عظيماً.

وكان أول ما ظهرت حرية تفكيره وخروجه عن التقاليد الهوهنزلرنية العتيقة، في مسألة زواجه، ذلك أنه لما عزم على الخطبة، بت في نفسه أن لا يطيع إلا أمر فؤاده لا وحي أبيه، وأن لا ينصاع إلا لأميالهن لا لأميال السياسة، وأن لا يتزوج إلا للحب والجمال، ولم يعرف في تاريخ زوجيات الملوك والأمراء حادثة غرام كانت أحر ولا أطهر ولا أسمى روحاً من الحادثة التي انتهت بتزوج إمبراطور الألمان المقبل بالآنسة سيسيلي دوقة ملنبرج شويرين، صيف عام ١٩٠٥، فإن هذه الأميرة السمراء الملامح، الفرنسية الآداب، الروسية الإصطلاحات، كانت يوم دخولها برلين، العاصمة الإمبراطورية كأنما تهاجمها هجوماً، وتدخلها قسراً واغتصاباً، وذلك لأن الزواج كان على كره من غليوم ورغم من الوالد، ولكنها قد أصبحت راسخة العرق في الأسرة الهوهنزلرنية، لأنها قد ولدت لولي العهد أربعة أولاد، كلهم قوي الأسر مملوء حياة، وذلك في مدة ثمانية أعوام.

وفي صيف عام ١٩٠٧ بدأ هذا الشاب الكبير لشعبه في مظهر جديد من الشخصية الوثابة المطلقة، وذلك أن مكسميليان هاردن، وهو من أكبر الصحفيين في ألمانيا وأعظمهم فيها سلطاناً، وآخر كتابها أسلوباً، جمل يملأ أعمدة جريدته المسماة () مغامز وفضائح ومثالب عن بعض حاشية الإمبراطور وبطانته، هذا ومعلوم أن الإمبراطور لا يستقى معلوماته إلا من قطع تختار له وشذرات تجيء في الصحف فتقتطع لأجله وكانت حملات مكسيميليان وقوارس كلمة موجهة إلى البرنس يولنبرج صديق غليوم المخلص الودود، وإلى القائد الكونت كونوفون مولتكي حرسي الإمبراطور ولكنها لم تبلغ مسمعي الإمبراطور، ولم تقدم