للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

توفر على إيجاد أسطول ألماني ضخم، يكون خليقاً بهذا الاسم، وكان التقدم الصناعي الألماني قد بلغ أشده، وانتهى إلى الغاية البعيدة، وكانت سفنها التجارية في البحر قد اتسع نطاقها وازداد، فوجد تيربتز أن الفرصة سانحة لنشر الروح الجديدة التي يريدها، وهو العمل على التأهب ببحرية كبرى، ووقع في سنة ١٨٩٩ ما أعانه على مطلبه، ذلك أن سفينة بريدية من سفن الألمان وقعت في أسر سفينة حربية للإنكليز، وهنا وثب هذا الرجل فاستخدم هذه الحادثة بكل ما أوتي من قوة وبيان، وأبدى للأمة وريشتاغها أن هذه الحادثة تمثل الخطر الدائم الذي لم يبرح يحدق بالعلم الألماني الخفاق فوق سفن التجارة، ما لم ينشأ لحمايتها أسطول عظيم، وكان القانون البحري الذي سنته ألمانيا في سنة ١٩٠٠ وليد ذهن تيربتز وقريحته، وكان من إقرار الريشتاغ عليه أن أعطى لقب النبل المتوارث، وهو كلمة فون كما ترى وأنزل إلى البحر أول سفينة حربية عظيمة تحمل ثلاثة عشر ألف طن، في سنة ١٩٠٢ فرفع إذ ذاك إلى لقب أمير البحرية العام، وتوصل بإيقاد عواطف الشعب وإرسال الحمية في نفوس سواد النواب إلى سن المذكرة البحرية الإضافة القائلة بوجوب إنشاء الدريد نوط بين أربعة وستة في العام، فانعم عليه الإمبراطور بأسمى وسام في الإمبراطورية ذلك هو وسام النسر الأسود.

هذا وتيربتز من محبي إنجلترا والإنكليز، ومن عشاق كل ما هو إنكليزي، بل قد تعلم كل أولاده في إنجلترا.

والعزيمة الحديدية هي أكبر مزايا هذا الرجل، بل هي التي أنشأت البحرية الألمانية بل أنشأته، وهو الوزير الأوحد الذي لم يعتد الخضوع لذلك السيد الفرد، ولم يعرف الاعتصام بالاستكانة له والسكون، بل إن له لإرادة قاسية، وهو يعرف كيف ينفذها.

وهو اليوم في الرابعة والستين، لا تزال تجري في عروقه حرارة الشباب وفضيلة النشاط، وهو رب أسرة، ووطني كبير الذهن يغلي بالوطنية، فلا غرو بعد ذلك إذا عد في طليعة منشئ ألمانيا الحديثة.

فون درعو لتز باشا

من بين نوابغ العالم الذين يحملون السيف في يد، والقلم البليغ في أخرى، وطبقت شهرتهم الخافقين في الدولتين، فون درعولتز باشا، فإن هذا الفيلد مارشال الشيخ كان يكون نابها