للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بأدبه ومؤلفاته وإن لم يكن جندياً يخططه الحربية وتنظيماته، بدأت مقدرته الأدبية وهو فتى حدث، في ريعان العمر، وكان أول فرع في الأدب أحبه هو الروائيات، وضع في شبابه روايات غرامية، كان يبيعها ليعول بثمنها أماً أرمل فقيرة ثم أخذ يبدي براعته شيئاً فشيئاً، ويتنقل من الغراميات إلى الحربيات، حتى وضع بعد ذلك كتاب ليون غمبتا وجيوشه فعلاً بالكتاب صيته، ونبه ذكره، وكان هذا المؤلف الحربي يجور حول إنقاص مدة الخدمة الحربية في ألمانيا من ثلاث سنين إلى سنتين، وهذه الفكرة هي التي كان الحزب الاشتراكي في الريشتاغ يدعو إليها بعد ذلك. ويشتد في طلب العمل بها، واتهم جولتز أثر ذلك بأنه من أشياع الحريين وهي تهمة لا تليق بضابط يلبس أردية الحكومة، فعوقب من أجلها بإنزاله إلى رتبة دون رتبته، وانتشر الكتاب في سنة ١٨٧٧ فأثار هزة كبرى بين أفراد الأمة، على أن الكتاب مهد الطريق إلى تحقيق هذه الفكرة فحققت بعده بستة عشر عاماً.

ولعل أحسن مؤلفات جولتز وأعظمها في العالم أثراً كتابه (أمة في السلاح) نشره عام ١٨٨٣، وكان يومذاك في الأربعين، وهو كتاب رشيق حماسي متين الحجة، يرمي إلى وجوب الخدمة العسكرية الإجبارية، وقد ترجم الكتاب إلى بضع عشرة لغة، ووعته كلا حكومة في الغرب ودرسته، ثم اتبعه بمؤلفات أخرى اشتهرت شهرة الأولى، منها (حروب فردريك الأكبر) و (فن قيادة الجيوش) و (التاريخ الحربي لألمانيا في القرن التاسع عشر) وقد تجلى في هذا الكتاب الأخير من أكبر دعاة النظرية القائلة بأن الحرب هي المنشأ الوحيد لتقدم ألمانيا.

وقد اشتهرت أسلوب غولتز بالرشاقة والخفة والوضوح والمائية، حتى عد بذلك من أساطين رجال الأدب.

ودعي غولتز عام ١٨٨٣ إلى تنظيم حربية السلطان عبد الحميد السابق وإصلاح فاسدها، وكذلك ظل حتى عام ١٨٩٥، وجد الجنود العثمانية جمعاً مشتتاً مبعثراً، لا يحتوي غير رجال غفل، لا يعرفون أساليب القتال ولا شهدوا نظاماً.

ولو سمعت ما كان يجري حول هذا القائد منذ يوم وصوله الآستانة إلى يوم رحيله عنها، من المكايد والفتن والدسائس في عهد السلطان المخلوع، إذن لعجبت كيف استطاع فون