للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عالم الأدب]

شاعر يتمرد

هذه قصيدة متمردة صارخة باكية، أرسلها الشاعر لامارتين، قلب الدنيا وصوت الطبيعة، في ساعة حزن قاتل، ويأس ثائر، وعاصفة إحساسية شديدة، هي ضمير رجل متمرد ساخط ضاقت نفسه من شرور العالم وآلامه، وأظلمت صفحة روحه أثر عارض من عوارض الهم، ونكبة من نكبات الإحساس، حتى حسب الأرض والسماء وعناصر الكون في مناحة مثله. تئن أنينه وتنتحب.

أيتها القوة الإلهية، هذا هو الشر قد ساد في مملكتك، هذا هو السوء صعد ذروة دولتك، خلق كل ذي فكر، وكل ذي نفس، لأن يلتهمه الألم. ويظفر به العذاب، بل إن الأرض والسماء، والروح والمادة، كل يتألم ويتنهد، هذا صوت الطبيعة لا يخرج إلا نفساً صاعداً متراجعاً مستطيلاً، إذن فأرفعوا أبصاركم إلى اقطار السماء، ودوروا بأعينكم في آفاق الزرقاء، والتمسوا الله في صنعه، واستصرخوا من آلامكم وأوجاعكم ذلك المعزي العظيم.

بأي اسم نسميك، أيتها القوة الأبدية، وبأي لقب نلقبك، أنت التي نسميك القدر والطبيعة والعناية والقانون البعيد عن متناول الذهن، العظيم على ملمس العقل، أنت التي ترتجف في يدك، ونرتعد في قبضتك، أنت التي ننشق عليك ونتمرد، مخافك خاضعين وتائرين، ونحبك راضين وغير راضين. أنت أبداً أمامنا. وأنت أبداً أنت!.

أية جريمة ارتكبنا حتى استحقنا الحياة. واستوجبنا الوجود. هل طلب العدم الظهور، أم هل رضي بالخروج، إذن فابعثوا صوب السماء ببخورها الذي تحب وانفذوا إلى عرش الله العطر الذي يستطيب، بتنهداتكم، وعولاتكم، وأناتكم وعبراتكم، وسخطاتكم، والحاداتكم، وأنت أيتها الأصوات المهتدجة المحتبسة الدامية، وأنت أصوات الموتى، وأجراس الهلكى، وصرخات المرضى، ورنات الثكلى، أصعدي فأطرقي تلك الأبواب المقفلة، ودقي منافذ قصر الأقدار، ومغاليق مداخل العزيز الجبار.

ألا فارفعي أيتها الأرض صراخك، وأنت يا سماء رددي، ويا أيتها الهاويات الدامسة، أيها الإقليم الأسود المظلم، حيث يركم الموت فرائه، لا تخرجي من أعماقك إلا أنه واحدة، شكاة أبدية، تكون شهيداً على تهمة الطبيعة، وظلم الأقدار، بل إن الحزن ليجعل الخليقة تبث