للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإسلام والآداب]

في رأي الدكتور جوستاف لوبون

لا نظن أحداً من القراء لا يعرف من هو الدكتور جوستاف لوبون صاحب كتاب سر تطور الأمم وروح الاجتماع وكثير من المؤلفات الفلسفية الجليلة. وهذا الفصل منقول من كتابه حضارة العرب وهو كتاب قيم جليل يهم الشرقيين عموماً والمسلمين خصوصاً أن يقفوا على آرائه فيه ومن ثم أخذنا على أنفسنا أن ننقل في البيان تباعاً أطيب ما في هذا الكتاب وسننشر كلمة اليوم دون تعليق عليها اتكالاً على فطنة القراء.

يقول الدكتور جوستاف لوبون إن التعاليم الأخلاقية التي جاء بها القرآن هي صفوة الآداب العالية وخلاصة المبادئ الخلقية الكريمة فقد حض على الصدق والإحسان والكرم والعفة والاعتدال ودعا إلى الاستمساك بالميثاق والوعد والوفاء بالذمة والعهد وأمر بحب الجار وصلة الرحم وإيتاء ذي القربى ورعي الأرامل والقيام على اليتامى ووصى في عدة مواضع من آية أن تقابل السيئة بالحسنة. . . تلك هي الآداب السامية التي دعا إليها القرآن وهي لا تكاد تختلف وآداب الإنجيل في شيء.

ولكن البحث في الآداب التي يحض عليها كتاب من الكتب ليس من الأهمية من المكان الكبير فأنك لا تكاد تقع من الأديان الإنسانية على دين لم تكن المبادئ الأخلاقية التي جاء بها سامية عالية وإنما الحقيق بالأهمية الكبرى من البحث في حال شغب من الشعوب هي الآداب العملية التي يسير عليها لا الآداب التعليمية المدونة في الكتب المحفوظة في الأذهان إذ قد دلت المشاهدات والاستقراآت إن ثمة فرق بينا بين إلا أن الآداب العملية والآداب التعليمية في جميع النحل والشعوب.

إن من بين العوامل المختلفة التي تعمل على تكوين الآداب ونشوئها هي المصلحة المشتركة وتأثير الوسط والرأي العام والطبقات العلية في الأمة والشرائع القانونية والتربية وعقلية الأمة وغير ذلك من العوامل وليس للأديان في تكوين آداب الأمم إلا أثر ثانوي ضعيف.

وقد شهدنا أن الأديان القديمة كأديان المصريين الأقدمين والآشوريين والكلدانيين والإغريق والرومان لم تسن شيئاً من الآداب ولم تتعرض للأخلاق ولا تجد فرائض وتعاليم من