للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أموت ولا أعرف ما الوجود واذهب ولا أعلم ما البقاء أنت أيتها الروح المبهمة أيها الطائف الغامض المجهول سدى أسألك وعبثاً أستطلعك أية سماء بحقك تسكنين وفي أية دار ترى تعيشين أية قوة دفعتك إلى عالمنا المتحطم الضعيف الهشيم أية يد حبستك في محبس فخارك واعتقلت في قالب طينك لأي سبب عجيب وبأي سر غريب يرتبط بك البدن وبه ترتبطين لأية سفرة جديدة سترحلين عن الأرض وتتحملين أتراك نسيت كل شيء أم هل تذكرين أتعودين إلى حياة أشبه وعالم أمثل وأحكى أم في حجر الله مخرجك ومربعك وموطنك ستنعمين مناعم الأبدية وتلعبين ملاعب الخلود؟!

نعم تلك علالتي يا نصف الحياة وتلك طماحتى تلك هي الأمنية التي كانت عزاء نفسي السجينة المغلولة يوم شهدت غلائل حسنك تزبل والربيع في صميمه ومزدهره هي اليوم مناي والحزن يفتك بي والأسى يقتل وأنا أجود اليوم بالنفس وأسلم أموت فينان الغصن رطب العود ولكن ها أنا ذا أبتسم!

سيصبح قطيع أبيقور وجماعته أمل خلب كاذب! وذلك العالم الذي يفحص بيده عناصر الطبيعة ويدرس في زاوية صغيرة يسمونها العقل سيقطع دهره للمادة ويعيش في عالم المادة ويغفل عن الروح سيقولون جميعاً أيها الأحمق أنظر حولك ودر بعينك كل إلى فناء وكل إلى غاية وكل يولد لكي يموت أنظر ألا ترى الزهرة في الحقل تتعب فتضمحل فتموت ألا تشهد السدرة العظيمة في جوف الأجمة الكثيفة تفرع شامخة الرأس متطاولة الذؤابة ثم تسقط تحت ثقل الدهر ممتدة على العشب منتشرة فوق بطحاء الأرض أنت ترى البحار تنضب في قيعانها وتجف أنت ترى السماء نفسها تزوي وتصفر هذه الشمس تجري مثلنا إلى الفناء والانقراض هذه الطبيعة كلها تركم القرون والأجيال تراباً فوق تراب إن الزمن يقبر في جوف حوادثه ويرمس ولكن يا لا عظم حماقة الإنسان ويا لا سخفه لا يفتأ يوقن وهو في غيابات القبر إنه سيظفر بعد الحياة بالحياة ويحلم بالأبدية وهو في زوبعة العدم!

ولكن هوناً أي عقلاء هذه الأرض لعل أحدنا سيقول لكم أتركوني أيها العقلاء إلى ضلتي وإني أحب وعليّ أن أتمنى وأتعلل إن عقلنا الضعيف يتحير ويضطرب بل إن عقلنا أمام حجتكم يسكت ولكن غريزتنا ترد عليكم وتجيب.