للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا أنها تقدم لعشاق الحرب الفرص السانحة لنشوبها لأنها لا تضع لهم حدوداً يقفون عندها ومثل هذه الجماهير كمثل قوم يخشون تفشي الحمى الصفراء في بلادهم ولكنهم يعارضون في وضع مقادير من البترول في البرك في الجداول والمستنقعات وهي الوسيلة الوحيدة لقتل جراثيمها بحجة أن البترول يضر بالأزهار.

إذن فهذه الجماهير التي تكره الحرب ولا تطلبها ومع ذلك تجيزها هي التي يجب أن نبحث في أمرها إذا كنا نريد أن يخفق علم السلام على الأرض أبد الدهر.

(١) وأول وسائل الواجبة لسيادة السلم: هي ضرورة إنشاء سلطة رقابية عامة إذا كنا نريد أن تلغي الحروب وتحترم المعاهدات ولكن ما دامت هناك حكومات متعددة كل منها حرة اليد في عمل ما تحب تسلح إن شاءت شعبها وتلغي المعاهدات كما تريد فلن يتحقق أملنا في سلام مضمون بل لن نستطيع أن نقيم سلاماً عاماً في العالم إلا إذا نسجنا نسيجاً من المعاهدات ترتبط به الأمم كلها وأقمنا شباكاً من التضامن تدخل فيه الحكومات جمعاء ولا يكون هناك اتحادات فرعية ولا اتفاقات ثلاثية ولا رباعية.

ولقد كان مؤتمر الهاي الخيط الأول من خيوط هذا النسيج الدولي العام ولكنه كان خيطاً ضعيفاً واهياً ولذلك لم يحدث أثراً ما ولكنا نريد أن يقام هناك مؤتمر عام يمثل وزارات الخارجية في جميع الأمم سواء الأمم المحاربة اليوم وغير المحاربة الصغيرة منها والكبيرة وأن لا يحل هذا المؤتمر بحال من الأحوال بل يجب أن يكون له مقام مستمر وموظفون دائمون وكتاب وإداريون ومالية مخصوصة ينعقد ويتناقش جهاراً وينشر المعاهدات والارتباطات التي تؤلف بين الدول أعضائه ويكون له الحق في الاستعانة على تنفيذ قراراته ببحريات الدول وحربياتها وأما عن الاحتفاظ بالكلمة العليا للدول العظمى فيمكن أن يكفل بعدد من الأصوات على نسبة عدد سكانها وكل دولة تبعث ممثليها بواسطة وزارة خارجيتها أو يمكن أن ينتخب هؤلاء النائبون كما ينتخب نواب البرلمانات والندوات التشريعية ولا تكون سلطة هذا المؤتمر مقصورة على سن المعاهدات وإبرامها وتنفيذها بل يعطي الحق في إنشاء ما يراه صالحاً من الأنظمة والطرائق والمشروعات المتعلقة بالتجارة والمصلحة العامة والصحة والملاحة والرقابة البحرية وما إلى ذلك ومن ثم يكون في الحقيقة برلماناً عاماً محترم الكلمة مسموع الأمر والنهى وهذه الفكرة العملية من السهل