للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صدر الإسلام اقتناء الصور والدليل على ذلك أنه كان يرد على الصحابة أقمشة من بلاد الروم وفارس رسمت عليها صور أشخاص وغيرهم فاستعملوها في لباسهم وفرشهم وأثاثهم، بل قد استعمل في صدر الإسلام الأثاث والرياش المزركش وعليه الصور والرسوم ومن جملة ذلك أبسطة عليها صور ملوك وحوادث تاريخية إسلامية، ذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب أنه كان في دار الخلافة ببغداد في أيام المنتصر العباسي المتوفى سنة ٢٤٨ بساط عليه صور ملوك شتى في جملتهم يزيد بن الوليد وشيرويه بن أبرويز، وقد كتب تحت صورة الأول: صورة يزيد بن الوليد بن عبد الملك، قتل ابن عمه الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ملك ستة أشهر وتحت صورة الثاني: صورة شيرويه القاتل لأبيه أبرويز الملك ملك ستة أشهر.

التصوير على الأبنية بالألوان

وكان في القصر العظيم الذي بناه أحمد بن طولون في القطائع وزاد فيه ابنه خمارويه مجلس اسمه (بيت الذهب) طلى خمارويه حيطانه كلها بالذهب المجاول باللازورد المعمول من أحسن نقش وأظرف تفصيل وجعل فيه على مقدار قامة ونصف. صوراً في حيطانه بارزة من خشب معمول على صورته وصور حظاياهُ والمغنيات اللاتي تغنينه بأحسن تصوير وأبهج تزويق وجعل على رؤوسهن الأكاليل من الذهب الخالص الإبريز الرزين والكوادن المرصعة بأصناف الجواهر في وآذانها الأجراس الثقال الوزن المحكمة الصنع وهي مسمرة الحيطان ولونت أجسامها أشباه الثياب من الأصباغ العجيبة.

هذا ومما يثبت اشتغال العرب بالتصوير إبان التمدين الإسلامي ما روته مجلة لغة العرب عن تنقيب الدكتور هرسفيلد في سامرّا (سر من رأى) وما عثر عليه من الصور البارزة والملونة في آثارها فقد ذكر هذا الدكتور أنه وجد على جدران الجامع الأعظم الذي بناه المتوكل على الله نقوشاً مطبوعة وتصاوير ملونة وفسيفساء وأنه وجد في جملة تنقيبه غرفاً وحجراً وردهات قد زينت جدرانها وغشيت حيطانها بتصاوير شرقية منقوشة نقشاً بارزاً أو غائراً في الجص وهي في غاية البهاء والجمال، وكلها محفوظة أحسن الحفظ كأن البناة قد غادروها قبل أن يدخلها أهل البحث، هذا ولا ترى النقش على الجص. فقط بل أنك تشاهد تصاوير ملونة في مواضع الجص الفارغة من النقوش، وهناك أيضاً تصاوير