للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فما طبيب يداوي داءكم أبداً ... إلا الهلاك وهذا ريثه عجل

ومن دلائل هذا الهُلْك أن لنا ... فخرا فنحسب أن الفضل متصل

إذا خُشِيتم فأنتم مشعر جبُن ... وإن رُجِيتُم فأنتم معشر خُذُل

كم من نصيح لكم بالرشد ينصحكم ... كأنما حظه من نصحه الصَّحلُ

كلوا وناموا ونالوا حظكم أبداً ... من التثاؤب لا لوم ولا عَذَل

وعاقروا الخمر والأفيون في دعة ... فعيشكم مثل ظل سوف يرتحل

واستخبروا عن هوى اللذات قاطبة ... أمَّا عن العز والعليا فلا تسلوا

وملء أشداقكم ضحك أأسكركم ... من حسن حالكم خمر هي الجذل

أم ضحكة الرجل المجنون من حَزَنٍ ... لشد ما نال منك البؤس يا رجل

أم ضحكة الخنث الموهون أضحكه ... أمر معيب فلا تقوى ولا خجل

أنا النذير إليكم والنصيح لكم ... وليس يؤثر نصحاً عاجز مَذِل

يمضي الزمان فلا عزم فيُسْعِدكم ... وليس يزداد إلا العجز والخبل

وفيكم من صفات السوء أخبثها ... حتى لقد صار فيكم يضرب المثل

أشعلتم نار يأسي وهي خابية ... وقد قتلتم ذكائي وهو مشتعل

هيهات هيهات إني مِقْول أبداً ... حلق الزمان به الناس يرتجل

أنتم بفيّ كطعم المر أمضغه ... حتى تساوى لديّ الصاب والعَسَلُ

فإن فهمتم فمالي فيكم أرب ... وإن جهلتم فشر العادة الجهل

إذا هجوت فما أهجوكم أبداً ... إلا ودمع على الخدين ينهمل

أنتم أحق بتأبين ومرثية ... والرزء بالحي جرح ليس يندمل

أنتم عليّ وإن طالت مهانتكم ... أعز ذي قدم يسعى وينتعل

فنحن في أمرنا طرا سواسية ... وأن تفاوتت الأخلاق والنّحَلُ

ليس لي فيكم حظ ولا أمل ... وليس لي في الورى من دونكم بدل

إني رأيت حياة الناس أولها ... يدعو لآخر ما يأتي ويُقْتَبَلُ

لقد ورثنا كلها كمد ... مور على القلب مثل النار يشتعل

فنحصد الشوك مما ذَرّ أولنا ... لقد ورثنا عن الأسلاف ما فعلوا