للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بسراويلنا وفروع شعْرنا ولكن بالأفعال الكبار والمحامد العظام، وبالحق والجمال والطهر والشرف. تعالوا نزهى بأننا لا ننحني لأي أمر حقير خسيس، وإننا لا نقول لأحد كلمة قاسية ولا لفظة خشنة. دعونا نزهى بأنا نعيش قوماً مهذبين في وسط من اللصوص والإخساء والأشرار، ولنفخر ونعتز بأننا نفكر أفكاراً حلوة، ونعمل أعمالاً ونعيش عيشة باردة راغدة. .

٢ - القناعة

إن أهل الطيبة والخير هم على الباطل - وهم أبداً كذلك عندي لأنني لم أتفق يوماً معهم في شيء - إذ يقولون أن الطمع من أكبر الشر. ولكن ماذا كان يكون أمر الدنيا بغير أهل الطمع أكثر الله منهم. إذن لما عدت أن تكون في رخوتها ونعومتها ولينها كعجين العجانة. ثم أليس أهل الطمع هم الخميرة التي ترفع العجين حتى يخرج منه خبز جيد صالح وبغير ذوي الأطماع لا ينهض العالم ولا ينمو ولا ينتعش.

باطل أن نكون من أهل الأطماع! يا حلاوتكم أهل الخير. .! أيكون أهل الأطماع على الباطل وهم بظهورهم المنحنية وجباههم المتصببة عرقاً يوطئون الطريق للإنسانية لتسير فيه جيلاً بعد جيل، وهم لا ريب يطلبون النفع لأنفسهم ولكنهم في طلبهم نفعهم يعلمون لنفعنا. لأننا مرتبطون ببعض حتى لا يستطيع أحدنا أن يعمل لخيره وحده دون خيرنا، إن النهر في تدفقه ومسيله متصاعداً فياضاً يدبر طواحين الدقيق ويسقي الزرع ويصل ما بين الأرض والأرض والبلد والبلد، وكذلك الرجل المطماع في إقامته تمثالاً لنفسه يترك أثراً صالحاً للجيل المنحدر بعده، وإن الإسكندر وقيصر قد حاربا لأغراضهما وأمانيهما بذلك قد مدا أنطقة من المدنية حول هذه الأرض، وإن ستيفنسن أراد أن يكسب له رزقاً طيباً فاخترع الآلة البخارية وشكسبير لم يكتب رواياته إلا لكي يملك بيتاً أنيقاً دافئاً لمسز شكسبير والشكسبيرات الصغار.

إن القانعين الراضين هم محمودون نوعاً ما. . هم يصلحون ليكونوا في هذه الدنيا ألواحاً ترسم فوقها الصور الفخمة العظيمة. وإني أعدهم إني لن أتكلم عنهم أبداً ما داموا معتصمين بالسكوت، ولكن بحق السماء لا تدعوهم يمرحون في الأرض - كما يحبون أبداً أن يفعلوا - صارخين إنهم الأسوة الحسنة التي يؤتسى بها والمثال الحق الذي يحتذى، لأني لا أراهم