للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضعيف لدى الجمعيات الساذجة مهضوم الحقوق وذلك لضعف العاطفة الأدبية في نفوس المتوحشين وفقدان السلطة العمومية أو عجزها - إن وجدت - عن كبح جماح القوى. وعلى قدر رقي الأمة يحترم الضعيف، والمرأة أضعف من الرجل تسوء معاملتها بين المتوحشين ويعلو قدرها بين المتمدنين ومن معاملة الرجل للمرأة نقدر أن نحكم على نصيب الأمة من التقدم والتأخر. ولو تصفحنا الأمم لوجدنا أقلعا مدينة أشدها قسوة على المرأة. وكلما ارتقت الأمة ارتخت قيود المرأة وخف عبؤها ففي أستراليا حيث الوحشية ضاربة أطنابها بين السكان الأصليين تقاسي المرأة أشد أنواع العذاب، تكاد تكون حيواناً داجناً ومتاعاً للرجل، يلهو بها ويسخرها في أشق الأعمال وأكثرها تعباً ونصباً. فهي التي تحمل الأثقال العظيمة وتقوم بجميع مهام الحياة ما عدا الصيد والقتال، لا تأكل حتى يمتلئ الرجل شبعاً ويرمي لها فضلات طعامه. هي والكلب في مستوى واحد. إذا مات زوجها تصبح بعد ثلاثة أيام من موته ملكاً لأخيه. قل أن تموت ميتة طبيعية إذ في الغالب يعجل عليها ويقضى على حياتها من قبل أن تشيخ وتصير عالة تستنفد طعام القبيلة من غير مقابل. وإذا انتابت القبيلة مجاعة تذبح النساء لتقتات بلحومهن.

وفي فيجى للرجل أن يبيع زوجته، وإن شاء فله أن يقتلها. وغالباً ما ترى مشدودة على خشبة أو مصلوبة على شجرة وزوجها نازل عليها بالسياط. وفي كلدونيا الجديدة لا يحق للمرأة أن تؤاكل زوجها أو تساكنه. ويحل بها كل يوم من الآلام والعذاب ما يبغضها في الحياة ويحملها على الإنتحار فتنتحر غير آسفة على عيش عبوس.

وفي إفريقيا لا تقل المرأة تعاسة عن أختها في أوستراليا غير أنها لا تؤكل إلا نادراً لكثرة الصيد في إفريقيا. بيد أن السير بيكر شاهد في جوندوفرو وليمة كبيرة كبيرة من لحوم الجواري والفتيات تعامل المرأة في إفريقيا بأشد أنواع القسوة وتلاقي من الظلم ما يفتت قلب المتمدن ويقشعر منه جسمه. يحتقرها جميع الناس حتى أولادها لا يطيعونها ولا يصغون إليها. لا تأكل مع زوجها وينهال عليها بالرفس واللطم لأقل هفوة. ترفق بالبقر ودواب الحمل. وتستخدم في حرث الأرض وحمل الأثقال من غير أن يكلف الرجل نفسه مؤونة مساعدتها.

مسكينة المرأة تنصب من غير حمد ولا شكر. وينهال عليها زوجها وسيدها ضرباً ولكماً