للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيدة في مكانتكي لن تستطيع أن تدرك معنى الآلام والمتاعب التي عانيتها. إن قصتي تبدأ من الملجأ فقد سرحتني مديرة الملجأ يوماً إلى العمل خارج الدار كخادمة في أحد البيوت فحققت ثقتها بي فكنت خادماً أمينة برة مخلصة ففي ذات يوم نادتي ربة الدار وكانت إمرأة حنوناً صالحة فقالت لي مرسى - إنني أسفة لك. فقد انتهى إلى أنك من أهل الإصلاحية وسأسرح كل خدمي فاذهبي. .

فعدت إلى مديرة الملجأ وكانت إمرأة رقيقة كذلك فتلقتني كما تتلقى ابنتها فقالت لي لنحاول مرة أخرى يا مرسى فلا تحزني ولا تيأسي. ثم ألم أقل لك أنني كنت في كندا؟

وشعرت جريس أنها بدأت تهتم لحديث المرأة على الرغم منها فأجابتها بالإيجاب في لهجة حادة مشجعة وعادت إلى مقعدها القريب من الصندوق.

وأخذت الممرضة في قصتها.

كان مقامي بعد ذلك في كندا في خدمة ضابط وزوجته وكانا من قوم صالحين انحدرا من البلاد الإنكليزية، فنزلت رحماً ولقيت رحمةً وحدباً، وتفتحت فرحة الحياة لي فجعلت أقول لنفسي يا نفس هل رد إليك مكانك المفقود، هل رجعت إلى سيرتك الأولى واختطفت المنية سيدني وجاء الحي قوم جديدون وكانت بينهم سيدة شابة حسناء فبدأ يفكر سيدي في الزواج وقد قضى علي سوء الحظ أن يعدني الناس امرأة حسناء فثار فضول الغرباء فجعل سكان الحي يسألون عني الأسئلة ويتغامزون ويتسارون ولم تكن تشفي غلة فضولهم أجوبة سيدي، فانتهى فضولهم إلى أن اكتشفوا حقيقة أمري فجاءني رب الدار فقال. إني آسف لك جد الأسف يا مرسى. إن ألسنة الناس ترتع اليوم في لحمنا والناس بالأقاويل مفتونون. إننا بريئان ولكن لا حيلة ولا مرد، فيجب أن نفترق، فتركت المكان في الحال.

فسألتها جريس وهل رجعت إلى لندن؟ فقالت مرسى بحزن وإلى أين أذهب وفضيحتي في أثري، وعدت إلى رئيسة الملجأ فرأيت المرض قد نزل بأهله فأقمت بينهم ممرضة فوقع أحد الأطباء في حبي وكان يوشك أن يتزوج بي ولكن ربة الملجأ أبى عليها شرفها لا أن تكاشفه بحقيقتي فانصرف ولم يعد بعدها أبدأً فتوالني اليأس، ذلك اليأٍس الذي يوصد مغاليق القلب ويرسل الخشونة في تضاعيف الروح وقد كنت أهم بالإنتحار أو أندفع إلى حياتي القديمة لو لم يعرض لي رجل واحد.