للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حديث الهجرة مأخوذاً من أوثق المصادر

أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث سنين من أول نبوته مستخفياً ثم أعلن في الرابعة فدعا الناس إلى الإسلام عشر سنين وجد في أثنائها الأمرّين (الشدائد) حتى إذا ماتت زوجه السيدة خديجة وعمه أبو طالب نالت منه قريش من الأذى مالم تكن تنال منه في حياة زوجه وعمه فخرج رسول الله إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به عن الله فردوا عليه أقبح الرد وآذوه وأغروا به سفهاءهم - ثم صار النبي يوافي الموسم كل عام يتبع الحاج في منازلهم وفي المواسم بعكاظ ومجنة وذي المجاز يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه ولهم الجنة فلا يجد أحداً ينصره ويجيبه حتى أنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة ويقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب وتدين لكم بها العجم فإذا آمنتم كنتم ملوكاً في الجنة وأبو لهب وراءه يقول لا تطيعوه فإنه صابيء كذاب فيردون على رسول الله أقبح الرد ويؤذونه ويقولون أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك وهو يدعو إلى الله ويقول اللهم لو شئت لم يكونوا هكذا.

وكان مما صنع الله لرسوله أن الأوس والخزرج كانوا يسمعون من يهود المدينة أن نبياً من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج فنتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وارم وكان الأنصار يحجون البيت كما كانت العرب تحجه دون اليهود فلما رأى الأنصار رسول الله يدعو الناس إلى الله عز وجل وتأملوا أحواله قال بعضهم لبعض تعلمون والله يا قوم إن هذا الذي توعدكم به يهود المدينة فلا يسبقنكم إليه وكان سويد بن الصامت من الأوس قد قدم مكة فدعاه رسول الله فلم يبعد ولم يجب حتى قدم أنس بن رافع أبو الحيسر في فتية من قومه من بني عبد الأشهل يطلبون الحلف في قريش فجاءهم رسول الله وقال هل لكم في خير مما جئتم له أن تؤمنوا بالله وحده ولا تشركوا به شيئاً فقال إياس بن معاذ وكان شاباً حدثاً يا قوم هذا والله خير مما جئنا له فضربه أبو الحيسر وانتهره فسكت ثم لم يتم لهم الحلف وانصرفوا إلى المدينة - ولما جاء الموسم تعرض رسول الله عند العقبة لستة نفر من الأنصار كلهم من الخزرج وهم أبو إمامة أسعد بن زرارة وعوف ابن الحارث ورافع بن مالك وقطبة بن عامر وعقبة بن عامر وجابر بن عبد الله فدعاهم إلى الإسلام وإلى معاونته