للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذه العوامل جوار الأوربيين لنا في بلادنا واختلاطنا بهم واقتباسنا بعض عاداتهم وسفر بعض الأغنياء مع عائلاتهم إلى أوروبا مدة الصيف وإقبال الشبان على التعلم في الجامعات الأوروبية والمدارس المصرية وتفتح أذهانهم بنور العلم والمدينة بفضل انتشار الكتب والجرائد.

والتعليم الأنثوي من خير هذه العوامل فإنه يرفع من شأن المرأة ويعلي قدرها ويكسبها ثقة نفسها ويفتق ذهنها فتعرف حقوقها فتدافع عنها وتطمح إلى الإستزادة منها وترغم الرجل على احترامها. فأشد ما تكون الحركة الأنثوية وجهاد المرأة في اكتساب حقوق جديدة في البلاد التي بلغ فيها التعليم الأنثوي ذروة الكمال وكادت المرأة تماثل الرجل في قوة المدارك كإنجلترا وأميركا.

غير أن هذا التعليم مازال ضعيفاً بيننا قليل الإنتشار وذلك لحداثة عهده وتسلط الأوهام والخرافات على كثيرين ولكن على الرغم من هذا فإنه سائر إلى الأمام يتخطى هذه العقبات بقدم ثابتة. وأتى بفوائد لا بأس بها وإن كانت لا تزال بذوراً لم تنتج بعد. فمن آن لآخر تسمعنا المرأة صوتها طالبة إصلاح شأنها ومن قبل كانت صامتة لا تنبث بكلمة ولا تجرأ على التذمر. وبدأت تسترجع حريتها وتحمل الرجل على احترامها. ولحسن الحظ لم تجمح ولم تلجأ إلى الطعن وهذا ما يبشر بحسن المستقبل.

غير أن الجمهور لا يرى في النساء المتعلمات هذه الرزانة ويرميهم بالرعونة والخفة وهو معذور في ذلك لأنه لم يتعود بعد أن يرى المرأة عالية الرأس طامحة إلى الحرية وعهده بها الإستكانة والخضوع ولأن بعضهن وهن قليلات جداً أسأن فهم الحرية لحداثة عهدهن بها.

وقد أدى التطور الإقتصادي واستزادة الناس لأسباب الرفاهية إلى تحسين حال المرأة. إذ عدل كثير من رجال الطبقتين العليا والوسطى عن الإكثار من الزواج والطلاق ومن قبل كان الواحد منهم لا يكتفي بزوجة واحدة بل يتخذ عدة زوجات ولأتفه الأسباب يطلق زوجته ليتزوج بغيرها وذلك لأن حاجيات الحياة كانت قليلة جداً. بحيث كان رب العائلة لا يهتم بكثرة أولاده ونسائه أما الآن فحمل الحياة ثقيل لكثرة ما يحتاج إليه الإنسان وما تتطلبه الأطفال من الرعاية والتربية.

ولا ننس ما للإصلاح القضائي خصوصاً القضاء الشرعي من الفضل في وقاية المرأة من