للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والغرائز، وتكوين إرادته وتكويناً قوامه الفهم والإدراك خاضعاً لأحكام ناموس العلة والمعلول أي أن الأسباب تنتج نتائجها، كل ذلك لا يتم إلا على شريطة الهدوء والسكينة حتى يكتمل المطلوب ويبلغ غايته. وإنه لمن أوجب الواجبات علينا أن نحرص كل الحرص على إبعاد كل ما من شأنه شرود الفكر وتبلبل البال وتقسم العقل، تلك العيوب التي خلفها في نفوسنا التعليم في المدارس حتى كأن الغاية التي ترمي إليها برامج التعليم ومناهجه هي الإحاطة بجميع المعارف البشرية في أقصر زمن ممكن. وكذلك يجب علينا أن لا نكد أنفسنا ونجهدها في قراءة ما لا يفيد ولا يثمر بل يلهي الذهن ويشغل العقل على غير طائل ولا جدوى. وأن نتجنب جهد طاقتنا المشاغل الكاذبة والقلق والاضطراب التي هي من مستلزمات الحياة في هذا العصر وكما أن السائل إذا أذيبت فيه بعض الأملاح وترك ساكناً من غير تحريك رسبت فيه بعد زمن أجرام متبلورة لطيفة الشكل فكذلك الإنسان إذا استجمع نفسه وظل ساكناً هادئاً تكونت شخصيته شيئاً فشيئاً وتولدت في نفسه ملكات راسخة من الحزم والعزم والإقدام.

الباب الأول

تمهيدات

الفصل الأول

ما هو ضعف الإرادة وأشكاله المختلفة لدى

طلبة العلوم والمشتغلين بأشغال عقلية

كان كاليجولا أحد طغاة ملوك الرومان يود لو تجتمع رقاب عداته في رقبة واحدة فيحزها بضربة بكر من سيفه. أمنية حمقاء كما ترى تشف عما وراءها من ضعف الإرادة فضلاً عن أنها لا ترد ولا تجدي.

وأنت فإذا استقصيت أسباب ما يعرض للمرء من الخيبة والفشل فيما يحاول من المطالب وما يلحقه من جراء ذلك من الويلات والخطوب لرأيتها تحور جميعها إلى سبب واحد هو ضعف إرادته وسقوط همته وفتور عزيمته وخوفه من عناء السعي والجد.

شطر المؤلف كتابه هذا إلى شطرين الشطر الأول القسم النظري وهذا هو الباب الأول منه

(١) قال أبو تمام: