للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصرت هي في نفسها أن ترقد في خاطره كل ريبة أو تهمة، فقالت وهي تضع ذراعها في ذراعه والآن أنبئيني بأمر هذا الرجل الذائع الصيت، كيف هو؟.

فأحدثت هذه الملاطفة تأثيرها في هوراس، فأشرقت صفحة وجهه وزالت الدهشة من معارفه وأجابها بخفة وابتهاج إذن فاستعدي لرؤية رجل هو أغرب أهل السكينة أجمعين. إن جوليان جراي لهو النعجة البيضاء في القطيع الأسود. هو الرجل العجيب الذي لا يدانيه في الغرابة رجل يخطب في كل مكان. حتى البيع والصوامع والمحاريب، بين المؤمنين وغير المؤمنين، بين الكفرة والملاحدة والمارقين، لا يعترف للسكينة ولا لأهلها بسلطان، بل يهزأ بهم جميعاً يمشي في منافس الأرض يفعل الخير على أسلوبه هو وهواه. لا يريد أن يرقى مدارج صناعته، حسبه - كما يقول - أن يكون كردينال المنكوبين. وأسقف الجائعين، وقسيس المساكين، وهو على غرابته حلو المحضر. رقيق القلب فياض الحديث، وهو بين النساء معروف مشهور، وهن يذهبن إليه طلباً للنصيحة والهداية، فلو أنك تذهبين!.

فتغير لونها وسألته بحدة، وماذا تعني بهذا؟

قال وهو يبتسم لقد اشتهر جوليان جراي بقوة إقناعه ونصحه، فلو كلمك يا عزيزتي جريس لاستطاع أن يحملك على تحديد اليوم الذي نريد. فماذا تقولين إذا أنا التمست إلى جوليان جراي أن يشفع لي لديك؟.

كان يقول ذلك عن مزاح، ولكن مرسى ظنته يجد في قوله. فقالت في نفسها خائفة، لعله يقدم على ما يقول إذا أنا لم أمنعه، وليس لمنعه من سبيل إلا أن أحقق الرجاء الذي كان يلح في طلبه قبل أن يدخل صديقه الدار.

وإذ ذاك ألقت يدها على كتفه، وحاولت أن تخفي القلق الذي يضطرم في فؤادها وراء ضروب الخلاعة واللين.

قالت بدلال لا تتكلم هكذا. ماذا كنا نقول قبل الآن. . . قبل أن نتكلم عن مستر جوليان جراي.

فأجاب هوراس، كنا نتساءل عن غياب اللادي جانيت. . . فضربته على كتفه بيدها في رفق وتيه وقالت كلا، كلا. هناك شيء قبل ذلك. . .