للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استرجعت أدرنه لتركيا، وقمت بهذا العمل، وهو فتح مدينة الأبطال دون أن تسفك دماً كثيراً ثم أنت الذي بشدتك وسطوتك ورهبك طهرت البلاد من القسوة والشناعة والنهب والسلب، ولقد شهدت منك أنفتك وغضبك واشمئزازك من فظائع البلغار، وطلبت إليّ أزور بنفسي في سيارتك أطلال تلك القرى التي مر فوقها أولئك القتلة.

ليكن ذلك، ولكن دعني أنبئك بحقيقة كنت ولا ريب تجهلها حتى الآن، إن الألمان في بلجيكا وفي فرنسا وبالأمر يرتكبون اليوم هذه الفظائع بعينها التي ارتكبها البلغار في أرضكم، بل هي أفظع منها بآلاف مرة وأشد نكراً، لأن البلغار قوم جبليون يعيشون على الفطرة الأولى، قد استأثرت بأرواحهم جهالة الدين، وعصبية العقيدة، ولكن هؤلاء قوم متمدنون، متمدنون واأسفاه!

إن تركيا تطمح اليوم إلى استرداد جزائرها، وهذا لا يغيب عن نظر أحد، ولكني أرتعد مخالفة أن تذهب في الحرب بعيداً، واأسفاه، إني أحذر التأثير الذي تغرى به مملكتك العزيزة وشخصك من ذلك الإنسان، لأنه ولا ريب رأى ما شجعه على استخدام وطنيتك الحارة وحميتك الجميلة، ويستهويك ويعدك وعود الانتقام لك وأخذ الترة لبلدك، فحذار من أكاذيبه، وأنا واثق أنه يحاول جهده أن يمنع الحقيقة أن تصل إليك، وإلا أثار أنفة فؤادك الجندي المخلص الأبيّ، وكما استطاع أن يقنع فريقاً من أمته، قد عرف كيف يقنعك بأن هذه المجازر التي أقامها كانت على كره منه، كلا، ليس الأمر كذلك، إنها خطة من قبل موضوعة، وطرائق مرسومة.

ما أشد ما يكون ألمي وحزني لو قدر على أن أرى تركيتنا العزيزة، قد خدعت بهذا الإنسان فتعثرت في أذياله إلى مخاطرة مرعبة.

إن لك يا صديقي سلطاناً على أمتك وأثراً في شعبك فهل أنت رادها عن الطريق الوعر الذي تريد أن تركبه.

إن كتابي سيغيب في الطريق ولكن لعلك إذ يصل إلى يدك تكون قد فتحت عينيك، على رغم هذه الشباك التي تحوطك، اعف عني واغفر لي رغبتي في أن أكون في عداد الذين ستصلك الحقيقة على أيديهم.

إن لي إيماناً شديداً بأننا الظافرون بالنصر، ولكن ابتهاجي يوم الخلاص سيسدل عليه الحداد