للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كانت هذه الحادثة خثرة متجمعة في ذهنها، فلما زالت، زال الفالج.

وهذه المرأة هي مثال من الأمثلة التي يستحيل فيها المرض إلى الهستيريا فإن ذكريات ذهنها الفظيعة المؤلمة التي زالت عن الذاكرة بقوة الإرادة تحولت فيها إلى هستيريا وأصابت الجسم بالآلام التي تحصن ذهنها منها وكذلك ترى الهستيريا تحول الألم من الذهن إلى ألم جثماني.

والنوع الثاني من الأمراض التي يختص بها الطبيب الذي يعالج النفس هو النروستانيا، وهو لا يعتبرها ناشئة عن حالة ذهنية، ولكنه يرجعها إلى العادات الشخصية التي يسلكها المريض المصاب بها في الحياة.

والخلاصة أن الأطباء الأخصائيين في هذا النوع من العلاج يذهبون إلى أن أحلامنا هي قصص رغباتنا وللاقتناع بصحة ذلك يجب أن ننظر إلى الأماني اليومية التي يشعر بها الأطفال فإن الطفل يود لو ظفر بالقمر وتدانت النجوم إليه ويجب أن تكون له الخيول التي تمر في الطريق، وكل ما يرى أو يسمع، ولما كان أكثر رغباته غير مستطاع التحقيق، اضطر إلى أن يخلق أشياء في ذهنه، ومن ذلك نشأت اللعب والعفاريت والأمراء والملكات والقواد.

فإذا انتقلنا من رغبات الأطفال في يومهم إلى أحلامنا نحن الكبار ونحن نيام، فلا نلبث أن نجد أننا إنما نكبر تلك الأحلام الصبيانية التي كنا نشعر بها في طفولتنا، فالفقراء منا يحلمون بالثروة والمرضى بالعافية والمهاجرون بالأوطان والجائعون بالشبع والأطباء النفسانيون يؤمنون بأن لكل حلم معنى وأن الأحلام هي مدلولات حوادث معينة وقد استطاعوا في علاجهم النقائض والعلل الأخلاقية الوصول إلى نتائج مدهشة، ومن ذلك أن محامياً شاباً جاء إلى استشارة طبيب مشهور في مدينة كبرى من المدائن وكان في حالة عصبية مزعجة وهو يشكو أنه لا يستطيع عملاً البتة وأنه قد ذهب أياماً إلى مكتبه وحاول بنشاطه المعتاد أن يؤدي عمله فلم يستطع إنجاز شيء منه، وعدا هذا العجز الفجائي إلى حياته الأدبية بل إلى أحاديثه وجملة القول كان يشعر بأنه قد تحطم كلية، فلما استطاع تذكر بعض أحلامه، خفّ ما كان به.

وتفصيل الأمر أنه كان يشتغل عند محام شيخ طويل العهد بصناعة المحاماة، وكان هذا