للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لب الأمر وهي أكبر دقائقه، وهي ليست الصعوبة التي يجدها علماء المادة وعلماء الروح فيما إذا كانت طبيعة الوجود مادية أو روحانية، ولكن الفكرة الاعتيادية التي نذهب إليها هو أن الدليل على وجود الأشياء في الحقيقة، هو كونها أشياء جامدة ثابتة في الفضاء، وهذا هو المبدأ الأول في العلوم الطبيعية، وكذلك يعتقد العلم الطبيعي أن الزمن ليس جزءاً من الجامدات، فنحن عند ما نرى أي شيء عادي من الجامدات الأولية - كالماء والهواء والبلورة والمعدن - نعتقد أن للزمن أي جزء في حقيقتها، لأنه مهما تعرض لها أي تغير، فلا تزال في ماديتها على حالها، فإن الماء إذا حللناه إلى عناصره، فإن ذلك يستغرق شيئاً من الزمن ولكن جوهر هذا الماء لم يتغير ولم يتحول فإن الغازات التي يتألف منها الماء منها لا تزال موجودة، ومن المستطاع إعادة تركيبها وتأليفها، ونحن بلا ريب لا نستطيع أن نتصور الأشياء خارجة منفصلة عن الزمن ولكن هذا لا يستلزم أن يكون الزمن لازماً لوجود الكائنات وعليه فليس الزمن إلا صورة من صور الوجود، ومن هذه الصورة نعرف الأشياء ولكن الزمن كانت ضعف ما هي الآن، فإن ذلك لم يكن ليحدث أي تغيير في جوهر الكائنات.

وليس هناك مقياس محسوس نستطيع به مقياس تيار الزمن وكل هذه المقاييس الزمنية كدوران الأرض حول محورها ودورانها حول الشمس أو حركات بندول الساعة ليست إلا مقاييس نسبية ولوظلت نسب الزمن ثابتة إزاء بعضها البعض فإن أي تغيير في سرعة الزمن، لا يحدث أي فرق أو أثر في جواهر الكائنات.

على أننا نجد الزمن بالنسبة إلى الكائنات الحية هو جوهر حياتها وكل معنى وجودها إذ للكائنات الحية مقياس زمني يقاس بنفس المقاييس النسبية التي نحدد بها الأطوار المتتابعة التي تمر بالكائنات الجامدة وهذا هو الذي يخطر بأذهاننا عندما نتكلم عن حياتنا المسرعة الذاهبة ونفكر في الأشياء التي تبقى بعدنا إذ يلوح لنا أن الحياة مؤلفة من أدوار معينة محدودة هي الطفولة والصبا والشباب والكهولة والشيخوخة، وهذه الأدوار هي التي نمر بها ونتصور أن لكل دور منها مدة يبقى فيها ثابتاً على حاله ثم بعد ذلك يبتدئ في التحول والتغير، ولكن التحول إنما هو مستمر في كل دور منها وليست هذه الأدوار إلا المنظر الظاهري للحياة، والجسم هو الذي يساعدنا على رؤية هذا المنظر لأن جسمنا هو كائن من