للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وصاح فيه (بلال) صيحة خشعت ... لها القلوب ولبت أمر باريها

الذي يفهم من هذين البيتين أن بلالاً مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن جهراً يوم أسلم عمر لأن المسلمين قبل ذلك كانوا مستخفين فخشعت القلوب ولبت دعاءه وهرع الناس إلى الصلاة أو نحو ذلك المعنى مما يتصل ببلال.

ففي أي كتاب هذا يا حافظ؟ أجهلاً بتاريخ الدين فوق الجهل بتاريخ الأمة؟ إن الذي في كتب التاريخ أنه لما أسلم عمر كبر المسلمون (وكانوا نحو أربعين نفساً) تكبيرة سمعت بفجاج مكة، وفي رواية كبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل مكة وفي رواية ثالثة فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل أحد أن بلالاً كبر أو أذن أو صاح بل لم ينص أحد على أن بلالاً كان من أهل الدار، أما ما يثبت جهل الشاعر بتاريخ الدين فهو أن عمر رضي الله عنه أسلم بمكة في السنة السادسة من النبوة، والأذان شرع بالمدينة في السنة الأولى من الهجرة، وبين هذه وتلك سبع سنوات وأيام، وقالوا في بدء الأذان أن سيدنا رسول الله اهتم للصلاة كيف يعلمون بها فذكروا له راية فلم تعجبه فذكروا له الشبور البوق فقال هو من أمر اليهود فذكروا له الناقوس فقال هو من أمر النصارى فذكروا له النار فقال هي للمجوس فانصرف عبد الله بن زيد والمصطفى صلى الله عليه مهتم لهم فأرى الأذان فغدا إلى النبي فأخبره بذلك فأمره عليه الصلاة والسلام أن يلقيه على بلال، وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة كما في صحيح مسلم وغيره، فأين صيحة بلال يوم إسلام عمر وهو لم يتعلم الأذان إلا بعد ذلك بسبع سنين، كأن الاسم التاريخي عند هذا الشاعر الاجتماعي همزة وصل أو همزة قطع أو نحو ذلك من ضرورات النظم. . أليس ذلك من الكذب على التاريخ. . وقال في مثال من هيبة عمر:

أريت تلك التي لله قد نذرت ... أنشودة لرسول الله تهديها

قالت نذرت لئن عاد النبي لنا ... من غزوة لعلي دفي أغنيها

واستأذنت ومشت بالدف واندفعت ... تشجي بألحانها ما شاء مشجيها

والمصطفى وأبو بكر بجانبه ... لا ينكران عليها من أغانيها

إلى أن قال ما معناه حتى إذا قدم عمر خارت قواها وخبأت دفها في ثوبها فقال رسول الله: قد فر شيطانها لما رأى عمر لأن الشياطين تخشى بأس مخزيها، ويعلم الله أن هذا الأبيات