للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كلمات العظماء]

طلب إلينا أن نعود فنتحف القراء بمجموعة من الكلمات الطيبة الخالدة التي تستوقفنا في أمهات الكتب وتضاعيف الأسفار بين كلمة فاه بها رجل عظيم في موطن عظيم مثله أو كلمة نابغة عرضت لكاتب كبير أو مؤلف خالد أو نادرة أرسلها فيلسوف مشهور أو ملك كبير أو قائد جبار، ولعل الكلمة الواحدة تقوم مقام موضوعات متشعبة وتثير خواطر لم تخطر من قبل على أحد ببال، وسنفتتح هذه الكلمات دائماً بكلمات من أحدايث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نردفها بأخرى مأثورة لنبي كريم أو قطب من أقطاب الدين تيمناً بها واعتباراً بما تنطوي عليه من المعاني الإلهية المقدسة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ما هلك امرؤ عرف قدره

هذه الكلمة هي رأس الحكمة بل هي أساس صلاح العالم كله سواء في ذلك الأفراد والشعوب، فلولا جهل المرء أو الشعب قدره لما عانت الأفراد والشعوب ما عانت وتعانيه مذ خلق الله آدم أبا البشر إلى يوم يبعثون، وقد قال الأول من عرف نفسه عرف ربه، وقال أبو الطيب:

ومن جهلت نفسه قدره ... رأى غيره منه ما لا يرى

وقال رسول الله: كفى بالسلامة داءً

من أبلغ ما سمع، يريد رسول الله أنه إذا امتد بالمرء العمر وبلغ من الكبر عتياً كان هذا الكبر نفسه المسبب عن السلامة والعافية داءً من أخبث الأدواء لما يستتبعه الكبر من الضعف والتهشم وما إليهما، وفي معناه يقول الشاعر حميد:

(١) وثمة معنى آخر لعله يريده صلى الله عليه وسلم وهو أن الحياة الإنسانية مبنية على أن بعض الضعف نافع لها فلو سلم الإنسان من الأدواء فكفي سلامته داء لأنها تفسد فيه بعض الغرائز الكريمة فيبطر ويطغى إلى غير ذلك مما يشاهد في أهل الغرور وذلك من أخبث الأدواء النفسية.

أرى بصري قد رابني بعد صحة ... وحسبك داء أن تصح وتسلماً

ويقول آخر:

كانت قناتي لا تلين لغامز ... فلأنها الأصباح والأمساء