للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصالحة فنبأته بالخبر كيف أنني رأيتها واقفة عن كثب تشير إلى مينا أن تقدم إليها وإنني رأيت بعد الانفجار مينا بجانب أمها، تقذف في الهواء قبلات حارة إلينا.

فتبادلنا العزاء، ما استطعنا سبيلاً إليه، وأمددنا قارب الرجلين بالميرة الواجبة فركباه شاخصين إلى الساحل الانكليزي.

وعمدت إذ ذاك إلى يومياتي، أدون أحداث اليوم، ولكنني لم أكد أخط سطرين، حتى علت عيني غشاوة مظلمة، وأعقبها النسيان المطلق، ولما فتحت عيني مرة أخرى بعد ثلاثة أيام رأيت فريتز وكمفر بجانب سريري، وجعل فريتز يقول لي: إنه كان مجمعاً إذا أنا لم أفق على أن يقود الغواصة إلى مربضها لكي يكفل لي من التمريض العناية التامة.

الله للرجلين، ما أكرم فؤاديهما. . . . .

١٢ إبريل سنة ١٩١٧

ليكن عدد ما في يومياتي هذه من الكلم سخطات ولعنات، ماذا أصبح العالم الآن في ناظري. . . . جحيماً وعذاباً مقيماً. . .!

مينا من قبل ثم الآن شقيقها بل صديقي الكريم عليّ سفن لارسن وعشرة من بحارته!. . لقد كرهت رسل الحرب ومستطيريها.

الواجب، الواجب، لا شيء غير الواجب، لا كلمة واحدة تقال عن الإنسانية!!

القتل والنسف، والتحطيم والتدمير بالقذائف والمهلكات، يوماً فيوماً، حتى يستدير العالم، وتستحيل دورة السنين، رباه، ما أشد سآمتي اليوم من كل ذلك، وما أكرهني فيه، ولم كل هذا التقاتل والتطاحن، لا شيء إلا أن حاكماً لا يريد أن يذعن إلى حاكم آخر. . . .!

والآن إذا كان لا بد من القتل، فإنني سأقتل كنمر مفترس، سأحطم كل شيء في طريقي، إلى الجحيم رجال الحرب جميعاً، إذن فسأجيد القيام بواجبي، سأكون وحشاً ضارياً. . .

٢٥ مايو سنة ١٩١٧

لا بد من أنني كنت مجنوناً إذ كتبت الجزء الأخير من يومياتي

إنني لا أتذكر مطلقاً أنني كتبتها، ولم أفتح يومياتي منذ ذلك العهد إلا الآن.

كان سفن ولارسن والده ضابطين على سطح الباخرة آدا، فلما نزلا قارب النجاة بعد الغرق،