للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أما الثروة الفردية - هذه السلسلة الاجتماعية التي ربط فيها القليلون الكثيرين، هذا المسدس الذي يحمله بضعة من اللصوص فيسرقون به ثمرات أتعاب الجميع فينبغي أن ينتزع من الأيدي التي ظلت تقبض عليه كل هذا الزمن الطويل.

إن ثدي أمنا الأرض يجب أن يرضع جميع أطفالها بالسواء، فلا يجوع أحد، ولا يبشم بالغذاء آخر، وليس للقوى أن ينال نصيباً أكثر من الضعيف، ولا للذكي أن يظفر بما لا يستطيعه المغفل الأبله.

ولم يكد ينتهي صحبي من حديثهم الحار، حتى رفعنا الكؤوس عالية فشربنا في صحة المساواة، المساواة المقدسة الجميلة، ونادينا غلام النادي فاستزدناه شراباً وتبغاً.

وانطلقت آخر السهرة إلى البيت مفكراً متعب الذهن. ولم تغمض لي جفن ساعة طويلة، بل أمسيت أتقلب في الفراش، أفكر في هذا العالم الجديد الذي فتح أصحابي مغاليقه لعينيّ.

ورحت أقول لنفسي ما ألذ الحياة لو يتحقق مشروع أصحابي فلا يعود في الدنيا كل هذا التنازع وكل هذا التقاتل، ولا يصبح ثمة غيره ولا تنافس ولا مخافة فقر، ولا يشتغل الإنسان في اليوم إلا ثلاث ساعات - هذا على تقدير أصدقائي، فلا يطلب مني أن أشتغل بعد ذلك - وهذا هو الفرح الأكبر من ناحيتي، ثم لا فقراء فيحسن إليهم، ويرثي لأمرهم، ولا أغنياء فيحسدون ويلعنون.

وإذ ذاك نسيت نفسي فانحدرت في سبات عميق لا يعرف غوره. . . . ونمت!.

فلما أفقت وجدتني نائماً ممدداً في تابوت زجاجي، في حجرة عالية السقف، ساكنة، لا يسمع فيها صوت ولا حس، وفوق رأسي يافطة معلقة، فالتفت لأقرأ، فإذا هي بهذا النص:

إنسان - نائم

التاريخ - القرن التاسع عشر

وجد هذا الرجل نائماً في بيت بلندن سنة ١٩٠٠، ويلوح من أقوال صاحبة البيت أنه يوم العثور عليه كان نائماً نحو عشر سنوات (ويظهر أن صاحبة البيت نسيت أن توقظه) ولهذا تقرر إذ ذاك لغرض علمي أن لا يحاول أحد إيقاظه، حتى يعلم كم مدة يظل فيها نائماً، ولذلك نقل إلى متحف الغرائب لحفظه، وتاريخ دخوله المتحف هو ١١ فبراير سنة ١٩٠٠.

ملحوظة: الرجا من حضرات الزائرين أن لا يسكبوا ماء من خلال فتحات الهواء حتى لا