للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الغرقى وكان من حسن حظي أني سقطت في ماء ضحضاح ولو وقعت في عرض أليم لما استطعت أن أسبح إلى البرلماني من التعب المبرح وألم الجراح. غير أني استمسكت بحبل الرجاء وجعلت أعالج نفسي حتى بلغت البر وانطرحت على الأرض معيا. ولما استطعت أن أتبين ما حولي رأيت أن ذلك الثقب المفغور في الكهف قد زال وقام مقامه سور حديد ظهرت عليه آثار صدمة السفينة فعلمت أن هذا الباب الحديد سدّ في وجهنا في الحين المناسب ليمنع انحدارنا منه إلى تلك الهوة الهائلة.

ثم التفت إلى يميني وإذا ربان السفينة يحييني وهو الرجل الوحيد الذي كتبت له السلامة معي وقد مزقت ثيابه وكسى وحلاً وهو يجاهد في البلوغ إلى البر.

ولما استتب به المقام بجانبي نظر إلي وقال يالها من مصيبة أوقعتنا في هذا المكان المجهول. لا ريب عندي أن هذه الجزيرة هي جزيرة الكور وهي لم تكن قبلاً وإنما شخصت من قلب البحر بفعل البراكين منذ نحو قرن تقريباً والجغرافيون الذين رأوها ورسموها في خرائطهم جعلوها في وسط الاوقيانوس الهندي.

فقلت كيف يكون ذلك وهل تبقى جزيرة في العالم ولاسيما في بحر مسلوك كهذا غير مكتشفة وقد اكتشف الجغرافيون كل المجهولات ولم يتركوا شيئاً.

قال الحقيقة هي كما رويتها لك. فإنه لما شخصت هذه الجزيرة كانت أرضاً قاحلة والبراكين تتقد فيها وبقيت كذلك زمناً والرسو عليها ممكن ولكن منذ عدة سنين تبين لنا أن هذه الجزيرة أخذت تمتنع على السائحين وكل من أراد الدنو منها لاستقصاء أحوالها ومعرفة مكنوناتها. وسواء كان هذا الأمر حقاً أوليس بحق فقد ثبت أن كل الذين حاولوا الوصول إليها دفعتهم العواصف عنها فقد قيل لي أنه تخرج منها عاصفة كما من كور عظيم تدفع السفن عن شواطئها لوذلك سميت جزيرة الكور.

وفيما نحن كذلك التفت إلى الباب الحديدي العظيم وقلت لصاحبي لاريب أن العاصفة خرجت علينا من هذا المكان ووجود هذا الباب الحديدي برهان صريح على تداخل يد البشر فيه فلا ريب بعد ذلك أن الجزيرة مسكونة وأن سكانها متمدينون بل مهندسون حاذقون.

فتنهد الربان وقال عسى أن تصدق أحلامك ثم نظرت إلى البحر فرأيت قارباً صغيراً يسير