للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الأقران في حلبة النثر الرقيق الحاشية الخفيف الروح كيف لا وهو مؤلف الكتاب الديني المشهور الموسوم بالتضرعات وهو كتاب ممتع جليل فيه الأسجاع اللطيفة والإشارات الظريفة ننقل منها ما يلي:

أنت الخالق الذي لا يحتويه ظرف مكان، البارئ الذي لم ينشأ من أي شيء كان، الحكيم الذي ضلت في معرفة حقيقة أمره الإفهام، المنيع في ملكه فلا سبيل إلى أن تصل إلى دائرة وجوده الأوهام، قد عجزت العقول البشرية عن أن تحلق قريباً من سماء وجودك الرفيع، وحاول أحد الأذهان تصور مكان عظمتك القدسية فلا تستطيع.

وجاء بعد أحمد باشا الشاعران المتغنى بشعرهما نجاتي وزاتي ففاقا عليه وممن هن جديرات بالذكر من شاعرات هذا العصر عصر محمد الثاني زينب ومهرى وقد كان محمد ينشط العلوم والآداب ويخلع الخلع السنية ويعطي العطايا الحاتمية للشعراء والأدباء.

هذا وقد كان محمد الثاني نفسه شاعراً أديباً وكاتباً مجيداً له الشعر الرقيق الذي لا يزال محفوظاً في بطون كتب الأدب على أن حفيده السلطان سليم الأول المعروف بياوز أو الغضوب كان أعظم سلاطين آل عثمان فلم تكن كفاءته الشعرية بأقل من كفاءته الحربية والإدارية وأن من الخمسة والثلاثين سلطاناً الذين تولوا الأريكة السنية العظمى واحداً وعشرين نظموا شعراً معروفاً لهم وليس بينهم من يستحق فضل السبق غير السلطان سليم فإنه كان شاعراً لا يجاري وأديباً لا يبارى على أن مما له يؤسف له أنه نظم معانيه الرائقة وضمن أفكاره الشيقة اللغة الفارسية فلم ينظم بلغة آبائه وأجداده ولو أنه نظم بالتركية لعادت عبقريته على اللغة بأعظم الفوائد على أنا نثبت هنا ترجمة معنى شيء من قصائده التركية القليلة.

فمن ذلك أنه ندب خلانه وأقرانه ووصف هطول الدمع من عينيه أبدع وصف وقد شبه حاجبيه وأنفه بجسر تمر منه الأفكار الحزينة الكثيرة البارزة من مخه على جبهته وجعل الدموع بمثابة بحر عظيم في أسفل ذلك الجسر ثم أشار إلى عبث الأقدار به وهو شريد طريد ثم ذكر صعوبة العثور على الخل الوفي وقال إن العثور عليه أصعب من معرفة أسرار الأكوان.

أما كمال باشا زاده أحمد المعروف بابن كمال فكان من رجال القضاء الممتازين وكان له