للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخضراء وأنت أيها الإنسان لا بد من صيرورتك إلى حفرة من تراب، لا بد للزمان من أن يرنق كأس سرورك المترع الصافي إنما الإنسان حقاً وصدقاً من صغت نفسه لقبول الحقائق، وما أحرى الرجل المتصف بصفات الإنسانية الراقية بأن يتحلى بالشفقة ويخلص نفسه من أشواك القسوة والوحشية ألا يفيق الإنسان وقد سطا ريب المنون على أمير لا ككل الأمراء أمير خضعت لسيفه رقاب الكافرين وخلعت صوارم كفه قلوب الفرنجة والمسيحيين وبعد أن كان له في الحياة بأس تذل له الهام أصبح الآن ساكناً تحت جنادل وركام.

لقد كان سليمان بهجة الأنام وزينة أعيان الإسلام فكان في عزم الاسكندر وأبهة دارا ولقد طأطأت الأرض رأسها إجلالاً وإعظاماً لسدته العلية وكانت أصغر عطاياه تصير الشحاذ المعدم أميراً سخياً. . . .

(وبعد أن أفاض في مدحه). . . قال وهو وإن خضعت عنقه لداعي الموت فقد كان له عزم القدر والسلطة القاهرة.

وظهر نجم الشاعر القدير نافع الأرضرومي في أفق عصر السلطان أحمد (١٦٠٣ - ١٦٠٧) فجدد معالم الشعر التركي القديم وقد اشتهرت قصائده بالرقة والانسجام كما اشتهر غزل الفضولي بحسن الذوق وسلامة البيان وقد خط لنفسه طريقاً في التعبير ونهجاً في الأسلوب فكان شاعراً حراً كالفضولي وقد حذا حذوه شعراء كثيرون اشتهر منهم صبري على أن نافعاً كان نقاداً شديد الوطأة فسبب له ذلك غضب الناس والعظماء الملتفين حول مراد الرابع فما زالوا به حتى أمر بقتله وهاك إحدى قصائد نافع المشهورة وهي مدح في السلطان مراد قيل أن السلطان أمره بمدحه فارتجلها ولكنا لا نميل إلى تصديق ارتجالها لأنها من البلاغة بالمحل الأرفع وقد وصف الربيع فأبلغ الألفاظ وأجمل المعاني وهو موضوع محبوب من الشعراء الترك.

يهب نسيم الربيع المبكر وتفتح أكمام الزهر في الفجر فلتفرح قلوبنا، أيها الساقي املأ الكأس واسقني بيدك لقد حلت أيام شهر مايو الجميلة وتعطر الهواء وأصحت السماء ولبست الأرض حلة عدنية وليس في الأرض مكان إلا كأنه ناحية منعزلة من بستان أنيق.

ومنها، ليحضر الساقي بكاس الخمر وتعزف القيان على الأوتار وإن أعقل العقلاء من اغتنم ساعة السرور وأسعد السعداء من قبص بإحدى يديه على قدح من النبيذ المعتق وأخذ