للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي لم يتعاظم شيوعه إلا منذ الثلاثين سنة الأخيرة وقد كان تأثير ذلك مدهشاً غريباً يدلك على ذلك أن غاية ما يرجو الأديب العصري في الأستانة وكل ما يصبو إليه ويريد أن يعرف به ويشهر عنه أن يكتب من غير تكلف، وقد دالت دولة السجع والبديع والمحسنات اللفظية وحل محلها الكلام البسيط الممتع الوافي بالغرض الصاعد بالمعنى إلى عقل القارئ من غير إجهاد نفس وأعنات فكر، وقد أدخل على اللغة التركية النمط الروائي في الكتابة وهو أمر جديد عليها لم تكن تعرفه من قبل وقد نبغ جم غفير من أدباء الترك في إنشاء الروايات الممتعة تمثيلية وغير تمثيلية وقد تناول حب التشبه بأدباء الفرنج الشعراء فهجر الترك إنشاء القصائد على الأنماط والقوافي القديمة واحتذوا الفرنجة في سائر أميالهم الشعرية وقد تناول التغيير اللغة نفسها فأهملت كلمات كثيرة قديمة لأنها أصبحت غير مفيدة وغير وافية بالغرض وعدلوا معاني كلمات أخرى بحيث أصبح يستطاع بواسطتها التعبير عن الأفكار والمصطلحات العصرية الحديثة التي لم يكن في الإمكان التعبير عنها بالأساليب والمفردات القديمة ولم تكن كل هذه التغييرات لتتم من غير معارضة ونضال فإن كثيراً من الأتراك المحافظين على القديم ممن يعجبون بالأساليب الفارسية ويكرهون كل ما كان أوروبياً لم يرقهم هذا التغيير وقاوموا العصريين طلاب الإصلاح بعنف وشدة ولا يزال منهم نفر قليل يجهر بالمعارضة والشكوى إلى اليوم.

وتظهر روح الإصلاح واحتذاء الأساليب الأوروبية الجديدة في تضاعيف منشآت عاكف باشا ورشيد باشا، أما شناسي أفندي المتوفى سنة ١٨٧١ فإليه يرجع كل الفضل في القيام بحركة الإصلاح الأوروبي دون غيره وقد عضد شناسي أفندي بكفاءة وقدرة كمال بك ذو المواهب الباهرة والآثار الخالدة وخير من عكف على خدمة الأدب من الأتراك وكذلك عضده وسار في ركابه كل من الأديبين الشاعر أكرم بك الذي كان إلى عهد غير بعيد أستاذ الآداب في المكتب السلطاني والروائي حامد زعيم الروائيين الأتراك وحامل لوائهم.