للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتبين نواجذه سرقة مسروراً من هذه الإرادة الأنانية الملعونة، إلا أن يصبرا حتى تنقشع العاصفة وتهدأ الزوبعة.

وقد كانت شقاوة دمبلس الأوسط قد ظهرت بأجلى مظاهرها في اليوم الذي أكتب فيه هذه الصورة، والحقيقة أنه كان منحرف المزاج معكنن وعندما يكون كذلك، لا يهدأ حتى يقذف به على الناس، ويطلعه على دماغهم، ويطلعه على دماغهم، ويتشفى من الناس الذين حوله، وقد حدث له في اليوم المنصرم حادث أقلق أعصابه، وأثار نفسه، وهي مأساة تراجيدي ذات ثلاث فصول، فالفصل الأول منها أنه في بعض جولاته الحشرية، في البستان. اكتشف عشاً من أعشاش الزنابير فحركه وأهاجه، والفصل الثاني أن الزنابير اكتشفته وحركته وأهاجته، والفصل الفاجع الأخير سمع في جميع أنحاء الحديقة وتردد صداه في حجرات الدار، ودوى دويه في القرية الصغيرة لأن لهذا الطفل حنجرة كل ركن فيها يتسع أجهر الأصوات. ولذلك، بعد هذه الرواية المحزنة التي مثلها وكان فيها خاسراً، لا يزال له شفيع للغضب وانحراف المزاج وطلب الانتقام من الإنسانية، وقد اتخذت هذه كلها منحى غريباً، شأنه في جميع غرائبه وأطواره، لأنه لا يزال طفلاً مبتكراً، فبدأت أولاً تظهر في بضع ملاحظات جعل يضعها في صلواته ويهذب بها النصوص التي اعتاد تلاوتها، إذا أكرهته أمه على الترنيم والوقوف أمام الله، واعلم أن صلواته لا رائحة فيها للصلاة، ولا دليل فيها على الخشوع، بل تمتزج بالكبر، ويبين في أضعافها الإباء والعظمة والزهو، فقد قال تشفياً وحنقاً في ذلك اليوم وقد دعي إلى الصلاة مخاطباً الخالق عز وجل من فضلك اجعلني طفلاً طيباً - وإني لكذلك. . . .!، فلما أرادت أمه تنقيح هذه التلاوة وتهذيب هذه الصلاة المبتكرة، وأملت عليه فقال: اللهم علمني ضبط نفسي نحو الناس لم يشأ أن يدع هذه الصلاة تمر دون أن يردف عليها وعلم الناس ضبط أنفسهم نحوي! وخرج من الصلاة فأظهر حاجته إلى ضبط النفس، إذ تولاه الغضب وبلغ به الحنق أشده، فجرى وهو يبكي حانقاً مفترساً، وهو يصرف بأسنانه، ويرفع قبضة يده، نحو أخيه الأكبر لادي يردي أن يهوي عليه بألوان مبتكرة من ضرب البوكس، على أن لادي وقف مكانه لم يبرحه، وجعل ينظر إلى هذا الغاضب باحتقار وازدراء ولم يزد عن أن قال بكل برود إتلهي على عينك فحطمت غضب الصغير تحطيماً، وسكنت روعه، وعاد مخذولاً مدحوراً، وكذلك ترى من