للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إغراءات، بالعفاف الشديد والاستقامة التامة في وسط مجتمع لم يكن يعرف هذه الفضيلة.

فقد عاش محمد في الجاهلية الأولى فظل عفيفاً على أكمل العفاف حتى ناهز الربيع الخامس والعشرين وغذ ذاك تزوج بامرأة في الربعين (وهي تعدل امرأة في الخمسين من نساء الغرب) وما كان زواجه بها إلا لأنها كنت المحسنة غليه وكانت توليه عطفها وعنايتها، وكانت تعتقد ببعثته وتدين برسالته، كما أعلن بعد ذلك بسنين عدة بعد وفاتها لزوج من أزواجه فتية حسناء فاتنة كانت غيرى من خديجة العجوز وقد سألته كيف تؤثر تلك عليها وهي تقول ألست مثلها طيبة وخيراً إذ أجابها بأنها لست مثلها. لأنها صدقت به يوم كان الناس جميعاً مكذبين، وكانت أم المؤمنين وكانت تكبره وتحميه وترعاه، يوم كان عائلاً مطرحاً لا يرى له نصيراً، وظل على محض الوفاء لها عشرين عاماً كاملة، ونحن لا ننكر أنه عندما أشرف على الخمسين، راح يتزوج بالمرأة أثر المرأة، ويبتني بالنساء مترادفات متلاحقات، ولكن أليس من العدل أن نذهب إلى أن رجلاً قد أظهر ضبط النفس بأكمل معانيه حتى الخمسين وتعفف العفاف كله إلى تلك السن لا بد من أن تكون ثمت أسباب غير تلك التي اختلقها كتاب المسيحية، ولرب سائل يسأل وما تلكم السباب، وأنا أعتقد أن السبب الحقيقي لكثرة زيجاته في شيخوخته هو التفضل والإحسان وذلك لكي يرعى ويظل بعطفه أرامل أنصاره الذين أصابهم العذاب، من جراء إيمانهم وتقطعت بهم الأسباب بفضل توفرهم على كلمة الإسلام.

وقد أصاب أتباع محمد وأنصاره والمؤمنين الحرب والويل من ناحية إيمانهم حتى كان تعذيب الكفار لهم وأعداء الدين أن منعوهم وحرموهم خبأ الأرض يقتاتون به واضطر كثيرون منهم إلى الفرار إلى الحبشة فازعين إلى ملكها المسيحي فتأبت شهامة النجاشي أن يسلمهم إلى أعدائهم، بل أظلهم بحمايته في أرضه، وقضى نحبه فريق منهم في الحبشة، وبقيت أراملهم في بلاد العرب، فأخذهن محمد إليه وابتنى بهن، وأدخلهن في عشيرته، ولولا ذلك لتضورن جوعاً، وهلكن مسغبة وتشريداً وأما الذهاب إلى أن محمداً كانت له في ذلك مآرب أخرى ونيات شهوانية فلا أساس له ولا حجة قائمة ولا سيما ذا علمنا أنه أظهر في عهد شبيبته الحادة، وعنفوان شبابه وغلواء فتوته الأدلة العظيمة القاطعة على عفاف جيبه، ونقاء نزعته، وزجر شهوته، وقد أساء كثيرون كذلك فهم قصة زواجه بزينب التي