للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تسرني وتفرحني وإن روح جمالك تنبث في روحي وتشيع في فضاء نفس وإني لأحس دبيب الغرام ومسرى الصبابة في نواحي كياني ووجداني وداعاً أيتها الحبيبة وداعاً. ثم أملس الخيال واختفى. وذعرت إيزابلا فهبت من مرقدها مطلع الفجر وقالت: ويلي ثم ويلي! ما هكذا ظننت إن غي الأمر جناية لقد سفكت مدية أخوي أزكى دم وأكرمه أيها الروح الطاهر! لقد نبهت غفلتي وأثرت ظلمتي سأزورك وألثم عينيك وأحييك صباح مساء.

ولما مال ميزان النهار خرجت في خفية وخادمة عجوزاً فسارتا حتى بلغتا الغابة وقد سال ذهب الأصيل فولجتا الأجمة وأخذت إيزابلا تجيل بصرها بين الدوح والأعشاب تلتمس علامات القبر كما وصفها لورنزو فلم تك غلا برهة حتى أبصرت حجر الصوان وثمر التوت الأحمر وشجر السرو والصفصاف.

فأقبلت إيزابلا على ثرى القبر وشرعت تنبش التراب وتحفر حتى أزالت سقف الضريح ثم نظرت فأبصرت في قرارته جثة هامدة فحدقت إلى ذلك المشهد الأليم ثابتة مكانها لا تحرك ساكناً كأنها ريحانة نبتت على ذلك الضريح. ثم أكبت على الترب تنبش بمديتها وتحفر، وهي في ذلك أشد حرصاً وأنهما كما من البخيل في تحصيل ديناره وما هي إلا هينهة حتى عثرت بقفازه ملوثة مرقوم عليها نقوش وزخارف من صنع كفها فأهوت عليها تقبلها ثم خبأتها في صدرها حيث وقعت موقع الريح المصوحة والزمهرير على تينك الثمرتين اللتين جعلتهما الطبيعة منهلين لشفاه الطفولة وشفاء غليلها. وإسكات عويلها ثم استأنفت الكد والدؤوب لا تفتر ولا تقف إلا ريثما تحسر ذوائبها المنشورة عن وجهها الحزين.

وأشفقت عليها العجوز وأقبلت تعينها تحفر الأرض بذراعين مهزولتين وقد انتشرت ضفائرها الشمطاء كالثلج في صميم الشتاء دأبهما ذات ثلاث ساعات حتى خلصا إلى لباب القبر. وبدت لأعينهما الدفينة كأبين ما يكون فهل ترى الفتاة هاجت وماجت وثارت وفارت وأرغت وأزبدت وأبرقت وأرعدت؟ كلا لقد هبطت عليها سكينة الحزن الصامت والوجد الثابت الساكت.

وهنا اقتطفت إيزابلا من حديقة الموت تلك الزهرة ال١ذاوية - رأس حبيبها وتالله ما كان ذلك الراس مشوهاً ولا قبيحاً ولكنها هامة راقت حلاوة وشاقت ملاحة في ظلال الموت كما