للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عاملاً أميناً دؤوباً مرتاح البال، هانئ النفس، وتحرم من نعمة الجمال الذي لم تظفر منه إلا بالوبال والآلام، أم هل تريد أن تبقى عليها وتجمد ألا نبئني بالقول الفصل وأوجز، فإنني أريد أن أعجل بالذهاب!.

قلت بلا تردد: بل أعدني إلى مرتبتي الأولى، وحياتي السابقة. ولم تكد تخرج هذه الألفاظ من فمي حتى وجدتني واقفاً وحدي أمام باب كوخي، كما كنت أشعث أغبر، لم تبق في وجهه مسحة من ذلك الجمال الفتان الذي أنعم علبه من قبل.

فألقي نظرة طويلة حرى إلى قصر الأيزو وهو يلوح لناظري عن كثب، فمشيت مطرق الرأس إلى كوخي فدخلته.

ومضى يومان، وإني لجالس إلى طعام الإفطار، إذ دخل علي جار لي من أهل القرية فسألني أين كنت منذ نصف عام، وفي أي أرض الله تقلبت، فلم أجد لي سبيلاً غير المخادعة والكذب، فنبأته أنني كنت في زورة ريب من عشيرتي في بلد بعيد ومنزل قصي، فصدق الرجل الحديث ورحت أسأله عن أحوال القرية وما جرى فيها منذ أن غبت عن أهلها.

قال: اسمع حديثاً عجيباً وقصة فكهة إنك غبت من هنا وتزوجت الأميرة دوسي بأجمل فتيان الدنيا الذين ظهروا في العالم فتى لم يعرف أحد من أي مكان هبط، ولا أي منشأ نشأ، وحسبه القوم رسولاً من عالم الجان هبط في بدن إنسان، ومنذ أربعة أيام فقط، اختفى القوم جميعاً، أي الأميرة دوسي وزوجها وابنة اللورد ستاندرن التي تدعى سيسليا، وأعجب ما في أمرهم أنهم اختفوا في ليلة واحدة، ولم يسمع أحد بنبئهم، ولم ندر ما خطبهم، بعدما اشتدت الشرطة في البحث، وتعقبت الآثار، واستقصت الأثر من جميع وجوهه، وقد جاء ليلة أمس شقيق الأميرة، فاستحوذ على الضيعة وأخذ بضبع الثروة، وهو يحاول اليوم أن يرقد ما استثار من أنباء القوم ويرسل الأستار حول الحادث.

فبعثني هذا الحديث على الاطمئنان، إذ علمت منه أن أهل القرية لم يختلج في قلوبهم الشك من ناحيته، ولم يدروا أنني كنت زوج تلك الأميرة.

على أنني تذكرت بعد ذلك أنه لا تزال لي أماني ثلاث فأخلدت إلى التفكير أياماً، واعتزلت لي مكاناً ألتمس فيه استنزال الوحي أستهديه فيما ينبغي أن أشتهي، ويصح أن أطلب، بعد