للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإسبراتيواليزم]

أو الاعتقاد بوجود الأرواح وإمكان مناجاتها

منشأ الإسبراتيواليزم

الإسبراتيواليزم ليس شيئاً جديداً في العالم، ولا هو بالأمر الطريف بل أن الاعتقاد بأن الموتى يحيون في عالم آخر، وأن في الإمكان مخاطبتهم ومناجاة أرواحهم، لا تزال عقيدة عامة في الإنسانية من أبعد العصور، ويلوح لنا أنها جاءت عن طريق الأحلام، وكان الباعث عليها الرؤيا في المنام لأن المتوحش الهمجي إذا رأى في الحلم بعض أصدقائه الموتى، أو فريقاً من الأعداء في الرؤيا وهم يحاربون ويعيشون كأنهم لم يوسدوا الثرى، وكأنهم لا يزالون أحياء فلا يتأول من ذلك إلا أنهم ولا ريب أحياء في مكان بعيد من الدنيا، وإلا فما هذا الذي يظهرهم ويجعلهم يتكلمون ويتحدثون إليه، ويخرجون إلى القنص معه، وصيد الوحش في رفقته، ويجب أن نعلم كذلك أن الفرق بين الحياة في النوم والحياة في اليقظة عند المتوحش الهمجي لا يكاد يكون محسوساً لديه. معروفاً منه، بل قد يمتزج أحدهما بالآخر. ويختلطان ويدخل كل في صاحبه، حتى أن الذين يحلمون قد يشكون في أغلب الأحيان وتأخذهم الريبة فيما إذا كانت الحادثة التي رأوها حصلت حقيقة أو إنما رأوها في الرؤيا ليس غير. ولا بد من أنه كان هناك في أدوار التطور الإنساني دور في أبعد عصور التاريخ كان الناس فيه لا يجدون فرقاً ما بين الأحداث التي تقع لهم في النوم وتلك التي تقع في البقظة، وكانت الحوادث التي يراها النائم تلوح له حقيقية كأنما وقعت في عهد اليقظة والصحو.

ويلوح لنا أن رؤية الموتى ومخاطبتهم كانت في العهود القديمة من التاريخ معروفة تحدث بوسائط تنويم مغناطيسي، ومن كتب الفلاسفة الأقدمين أمثال أفلاطون وفلوطرخس يتبين لنا أن عادة مناجاة الأرواح كانت معروفة في أزمانهمـ، وأنه كان يحدث شيء منها في الأعياد والطقوس، ولكننا لم نستطع أن ندرك مما كتب أولئك التفاصيل والحذافير وكان بين اليهود عادة السحر والتنجيم ذائعة متفشية، ووقع في الإمبراطورية الرومانية ما وقع في اليونان فقد دل التاريخ على أنه كان قبل مولد المسيح بنحو مائة عام طائفة من عظماء رومة وأشرافها تحت مراقبة الشرطة إذ اتهموا بأنهم كانوا يستحضرون أرواح الأموات،