للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المنارة. ولكنه إذا كان من أولئك النفوس العالية ومن الجوهر الإنساني السامي النادر استطاع أن يجعل تلك السحائب سحائب صيف عما قليل تنقشع.

اعتاد مسيو باجشو أن يقول أن الرجل الأعزب ليس إلا من الغواة في الحياة ومن الحق أن الرجل الذي لا يعيش إلا لنفسه لم يبتدئ بعد الحياة. ولا يزال تحت التمرين والاختبار وليس من الضروري أن يتزوج حتى يكتشف نفسه. ولكن عليه أن يعرف ما هو الحب. حب لأب أو أم. يضحي بنفسه في الإخلاص لهما. أو حب لمبدأ يتوفر على خدمته بجميع قوى روحه.

إذن فعليك بتنمية زهرة التضحية في رفق بقلبك. سواء أكانت التضحية لمخلوق أم كانت لمبدأ. فإذا فعلت جعلت للحياة المعنى الأسمى لها. لأن ما تطلبه الروح من السمو هو أن ينسى الإنسان نفسه في سبيل غيره.

كل إنسان في العالم يملك قوتين. وينعم بضربين من المقدرة مقدرة مطلقة ومقدرة نسبية. فأما المطلقة ففي الإنسان قد منح طبيعة ومواهب خاصة به وأما نسبية فإن ذلك فيما يشترك الإنسان فيه مع الجماعات الإنسانية العامة وفيما يجب عليه العمل معها والتضامن والارتباط بها ولا يستطيع الإنسان أن يكتشف نفسه إلا إذا أدرك أنه جزء من هذا الكل وعرف الفريضة التي لزمته من التعاون في سبيل النفع العام وإعطاء مواهبه الحد المتسع لإظهار نفسها.

كان الناس منذ عهد غير بعيد إذا تكلموا عن جماعة السياسيين راحوا يتحدثون أحاديث السوء عنهم ويظهرون الاشمئزاز منهم والاحتقار لهم. وكانوا يعدونهم آفة لا بد منها وضريبة ملعونة. ولكن لا مناص منها ولا مفر. لا بقاء السلطان على الفرد وحكومته والنهي والبت في أمره. وتلك نظرية الأنانيين الذين يستخدمون كل شيء لأجلهم. ولا يعملون إلا لمنفعتهم الخاصة، وهذه النظرية قد أحدثت من السوآت والآثام في العالم السياسي ما لا قبل لنا بإحصائه.