للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والعادات عند خلو الدين الموسوي من قانون معين واضح عن شرائط الصلاة وأركانها أ، اليهود أصبحوا شعباً يحتفظ بتأدية الصلوات، وإذ ذاك ضربت مواقيت للعبادة، وعينت ساعات، وهي ثلاث في اليوم، في التاسعة والثانية عشر والثالثة. على أ، الاحتياج إلى عون القساوسة والكهنة والافتقار إلى نموذج انحدر من صاحب الشريعة نفسه وصيغة أخذت عنه ذاته، لم يلبثا أن جعلا من الصلاة عند السواد لأعظم من اليهود عملاً آلياً لا أكثر ولا أقل.

أما تعاليم المسيح وهي الخطوة الثانية التي خطتها الإنسانية إلى تهذيب الروح الدينية في الإنسان فقد احتوت الروح والجوهر والمعنى الحقيقي للصلاة. وقد جعلها صاحب الشريعة المسيحية فريضة عملية. بأن وضع هو بنفسه لها النموذج ونصب نفسه لها القدوة. وجاء هو بالصيغة. وقد احتذى حواريوه الأولون حذوه فألقوا الأهمية الكبرى حول وجوب عبادة الله وشكرانه ولكن الحاجة إلى قاعدة متينة تسترشد بها الجماهير على مدة الزمن ومر الأجيال وكر الدهور تركت المسيحيين بلا هاد يضيء لهم السبيل إلى الصلاة الصحيحة وجعلتهم خاضعين للقساوسة إذ احتكر هؤلاء الحق في تحديد العدد والمدة والنصوص الواجبة للصلوات ومن هذا نشأت الطقوس الكثيرة والمجالس والمجامع التي تنعقد لحل شؤون الدين. والنظر في اعترافات الضمائر والوجدانات. ومن هنا نشأت عبادة الرهبنة الكسلى البليدة واحتشاد الجموع العظيمة من أهل المسيحية في الكنائس في يوم واحد من أيام الأسبوع لسد العجز الذي حصل لهم من طعام الأرواح في الستة الأيام الباقية. ومن هنا صار القسيس الذي كان معناه في الأصل (الخادم للدين) بمثابة وارث الإمارة الدينية عن المسيح.

وقد انتهت جميع هذه المناقص والضلات إلى الحد البعيد وبلغت أقصاها في القرن السابع من الميلاد إذ ظهر محمد النبي العربي فبدأ ينادي العالم إلى سنة منقحة مهذبة من الأديان فلما سن للصلاة سنناً وقواعد. أدرك نزوع الروح الإنسانية إلى صب حبها لله وشكرها للخالق في عبارات وكلم فجعل تأدية هذه الفريضة على مواقيت محدودة وبذلك وضع النظام لها للمحافظة عليها وحمايتها من الزيغ. ومنع الأفكار من أن تضل فتهيم في وادي المادة والمحسوس.