للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتخرج من الثروة ما يزيد على أربعة مليارات وثمانمائة وأربعة وثمانين مليون روبلة. وكان مقدار ما تخرجه روسيا من الذهب يقدر بثمانية في المائة من مجموع ذهب الدنيا كلها، وجملة القول كان ينتظر الروسيا مستقبل باهر في التجارة والاقتصاد.

بعد البولشفية

فلما نهضت البولشفية، لم يكن منها أن ألقت بها في درك الوحشية الأولى، وهدمت آمالها الجميلة، وحطمت أمانيها الأهلية، بل هدمت كذلك تجارتها التي كانت لها قبل الحرب، وذهبت بزراعتها وصناعتها، وعطلت استخدام أي مصدر من مصادر الثروة فيها، لأن الثائرين البولشفيين لم يعبأو بشيء من ذلك، لأنهم إنما يريدون أن يرجعوا الإنسان إلى بساطته الأولى، ويعتقدون بصلاحية الثورات، ويدينون بفضلها، وحسبهم أن ينشئوا حكومة ثورية على أنقاض حكومة مدنية، حتى يتمكن أحط طبقات الناس في أوروبا وأشدهم تأخراً في بلاد الغرب من الصعود، واعتلاء دست الحكومة، والنهوض في رأسي المدنية وإملاء الشريعة الجديدة للعالم كله، إذ لا ننسى أن خمسة وتسعين في المائة من سكان الروسيا أميون يعيشون في ظلمات الجهل، وهم يركنون إلى روح الجماهير ورأيها ويظنون أن الجماهير معصومة عن الخطأ لا يرد لها رأي ولا تخطيء في شيء، وأن الجماهير هي أعرف الطبقات بمطالب الحياة الصحيحة.

وبفضل سلطان لينين وتأثير تروتسكي لم تلبث الثروة الاقتصادية التي تعتمد على أمام الأفراد، وضمان الحقوق، واحترام العقود، أن اختفت فيه وتلاشت من الروسيا، وقد وحدت حكومة السوفييت الثروة كلها، إذ قسمتها على الطريقة الاشتراكية بين الجميع، من سائر الثروة والإنتاج والاستهلاك من مناجم ومصانع ومصارف مالية وسكك حديدية، ومصادر زراعية، إذ نزعتها من أيدي أصحابها الذين كانوا يملكون جميع وسائل الاستثمار، وكانت النتيجة أن اختفت جميع المواد المقرر عليها الضرائب ولم يكن من هذا إلا أن هدم جميع مصادر الحياة المالية، وتعطل العمل بسببه في كل مكان، واقتصرت أشغال الفلاحة على حاجات الأفراد والقرويين فساقت المجاعات إلى المدائن والمراكز الصناعية.

الاضطرابات المالية

الدليل الأكبر، والبرهان الأول، من الاضطراب الأهلي، والنكبة القومية، ظهرت بالطبع