للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نمته هو أربع ساعات، وأنا لا أستطيع الاستمرار على هذا الحال!.

إن وظيفة النوم ومهمته هي أنه يمكن البدن من تجديد أنسجته والذهن من تجديد قوته، والنوم من أصلح الحالات لحدوث ذلك التجدد الذهني والبدني، على أن هذا التجدد يحدث أيضاً - ولكن بحالة أبطأ - أثناء الاستراحة الخالية من النوم.

فأول نصيحة لكم يا أهل الأرق والسهاد هي هذه: لا تضايقوا أنفسكم لنفور النوم وشروده عنكم بل قولوا لأنفسكم لا بأس علينا من هذا السهاد ولا ضير في هذا الأرق. فنحن وإن لم ننم نتمتع بالراحة ولين الضجعة. فأجسامنا في دعة واستراحة. فنحن من حيث الحالة الجسدية وكما لو كنا نياماً. إذ السكون والكسل والظلام هي جل احتياجاتي الجسمية وكلها في ملكي وحوزتي فليس ثمت ما يدعو إلى الضجر والقلق.

فمناجاة نفسك بهذا القول مع صحة اعتقادك إياه - وهو أهم ما نظن لأنك تكون في هذه الحالة كمن أراد ركوب القطار السريع (الإكسبريس) فلما لم يوفق إلى ذلك ركب القطار العادي، فحسبك يقينك بأنك ستبلغ ولا شك غايتك المقصودة وإن أبطأت بك المطية وشطت بك النية.

ولكنك ربما قلت معترضاً ليست راحة البدن هي أهم مطالب المرء. ولكن راحة الذهن هي المقصد الأول. إن أهم أغراضي هو إيقاف حركة الفكر!.

على رسلك أيها المعارض! واعلم أن راحة البدن مؤدية - وإن كان مع البطء - إلى راحة الذهن أيضاً فاعتقادك هذه الحقيقة لا بد أن يحدث نوعاً من اللين والاسترخاء في أوتار الذهن. وهذا وحده يهيئك للنوم ويقرب منك أسبابه.

وسنسرد في موضع آخر من هذا المقال جملة من علاحات الأرق وجوالب النوم أما الآن فنبحث في علاقة الأرق بالضجر والقلق.

فاعلم أنك إذا أرقت بالفعل الليل الطويل كله فأحييت بالسهاد ظلمته، وأشعلت بحر أنفاسك فحمته فلا ضير عليك من ذلك إلا إذا جعلته موضع اهتمامك وكدرك فطفقت تتأفف وتتوجع لأنك لم تنم. على أنه قلما يحدث أنك تحرم النوم ليلك كله إذ في الغالب أنك تنام ولو ساعات قليلة. فحرمانك شطراً من وقت نومك ليس هو السبب فيما يبدو عليك في الغد من الوهن والخور والشحوب والاصفرار والكآبة والكمد - وإنما السبب في ذلك هو توجعك