للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رناناً أوتاره المشاعر الحية والعواطف الحساسة - رجل له معرفة بالخيوط الدقيقة والألياف الرقيقة المكون منها ذلك النسيج المهلهل الذي نسكنه نحن معشر الحشرات الآدمية الطنانة الصخابة برهة قصيرة ننتظر ذلك العنكبوت الشاحب الرهيب المسمى الموت - رجل راض مستسلم لحقائق الحياة المرة القاسية وإن كان يحمل في يده مفتاحاً ذهبياً لمارستان خصوصي في أعماق نفسه لا يعلم به سواه ولا يطلع عليه غيره مملوء بالخيالات الخرافية والأوهام الخزعبلية والأحلام الكاذبة والأماني الخداعة الجنونية - رجل هو أميل إلى إرسال ذهنه يرتع في أفانين شتى من رياض الفكر والتأمل من أن يقصره على ينبوع واحد من صنوع الآبار العلمية يغوص فيه حتى يسبر أغواره ويبلغ قراره - رجل يعنى بأدق دقائق الكون وأجل جلائله على حد سواء لا ينصرف عن تأمل ألطف ذرة في تركيب أضأل جراثيم الأرض استصغاراً ولا عن تدبر نظام أروع أبراج الفلك استعظاماً واسكتباراً - رجل هذا مزاياه وخلاله أتظن أنه لن يجد على مائدة الكون - بعد أن التهم سلفه (المتصرف) ما أصاب عليها من العلف والزاد - شيئاً يشبع جوعه ويسكن شغفه بطلب العلم وولوعه!. إن عملية التفاعل أعني التجاذب والتدافع والتآلف والتنافر والتمازج والتزايل بين ذهن الإنسان وجو انسلنية المحيط به لهي عملية دائمة ومستمرة سواء أراد ذلك أم لم يرد فهي كعملية التفاعل بين دمه وبين الهواء الذي يتنفسه في رئتيه. وكما أن لعملية التفاعل الحادثة بين الدم والهواء المتنفس نتيجة أي حاصل أي مادة جديدة ناشئة من اتحاد بعض عناصر المادتين المختلفتين بعد تحلل كل مادة إلى عناصرها المكونة لها - فكذلك عملية التفاعل الحادثة بين الذهن وحو الإنسانية المحيط به لها نتيجة أي حاصل يمكن التعبير عنه باصطلاح الكيماويين بأنه المادة الغازية المتخلفة عن عملية الاحتراق الذهني أو عملية الفكر المحترق - أو باصطلاح الفيسيولوجيين بأنه إفراز عملية التنفس الذهني - هذا الحاصل الناتج عن عملية التفكير لا يمكن إحرازه ونيله أي إخراجه إلى حيز التعبير الصريح الواضح الجلي إلا بشرطين أساسيين وهما (١) موافقة صاحب التفكير المحدث من أذهان سامعيه جواً ذهنياً تكون درجة حرارته ملائمة مناسبة و (٢) قابلة (هي في اصطلاح الكيماويين الوعاء الذي تنتهي إليه خلاصة العملية الكيماوية أعني الحاصل الكمياوي وهي هنا كناية عن درجة استعداد السامعين وقابليتهم لفهم مغازي