للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاستمر في حديثه همساً فقال: أجل إن هنا رجلاً كالموتى، وهو صانع بسيط أمي لا يعرف القراءة ولا كتابة ولكنه يأتي بالمعجزات. فإذا ذهبت إليه فسألته أن يريك أي أصحابك الذين ضمتهم المقابر فتأكد أنه يريكه لا محالة.

ويكف يصنع ذلك؟

هذا سره فإنه على الرغم من جهله بل من كونه أمياً واسع العلم هائل المقدرة في المسائل الروحانية، وإن له لمكانة مكينة علينا عند طبقة التجار!.

قلت: وهل كل من بالمدينة يعرف هذا؟

قال: يعرفه من هو بحاجة إلى معرفته. ولكن لا أخفي عليك أنه يجب الاحتراس من البوليس لأن هذه المسائل محظورة محرمة مهما قلت في تبريرها والدفاع عنها وهي من دواعي الغواية للعوام أعني الرعاع وأنت اعلم أن الرعاع سراع إلى الملاطمة والملاكمة.

قلت: وهل أراك الموتى؟

فقال إرداليون وهز رأسه: نعم لقد استحضر أمامي أبي كما لو كان حياً.

فحدقت في وجه إرداليون فضحك وطفق يعبث بفوطته ونظر إلي نظرة تنازل وتعطف ولكن بمنتهى الثبات والصلابة.

قلت: هذا والله العجب العجاب! أما أستطيع التعرف بهذا الصانع.

قال: إنك لا تستطيع الذهاب إليه مباشرة ولكن بواسطة أمه وهي عجوز ذات رزانة ووقار تبيع المخلل على الكوبري فإذا شئت فاتحتها في الأمر من أجلك.

قلت: سألتك بالله أن تفعل.

فسعل إرداليون سعلة من رواء كفه وقال: ولا تنس أن الشيخة تأخذ مقداراً تافهاً من النقود - أي شيء طبعاً - وليس بالكثير - شيئاً لا يذكر. وسأبذل جهدي في تطمينها وتأمينها من جهتك فأعرفها أنك ضيف زائر لا غير. وأنك نبيل مهذب. وعليك بعد أن تعرف أن هذا سر خطير وأنه لا يصح لك بأية حال أن توقع الشيخة في أدنى كربة أو ورطة.

ثم إن إرداليون رفع الصينية بإحدى يديه ثم دورها واستدار معها هو بحركة رشيقة خفيفة وسار نحو الباب.

فصحت من ورائه وهكذا أعتمد عليك في هذا الشأن.