للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بيضاء قال أنها نذير بتلبد الغيوم. المتفائل يقول نعم وإن تلبدت الغيوم فإنها لا تحجب الشمس إلا إلى زمن لأن الشمس موجودة خلفها وهي أقوى من كل السحب ومتى حان الوقت فرقتها أشعتها الحارة أيدي سبا.

إن التفاؤل في الأعمال يقصد به الرغبة في العمل والميل إلى إتمامه فالذي يشتهي أمراً ويرغب فيه لايرى أمامه إلا الغرض الذي يسعى إليه. قد يخسر خسائر وقد تعترضه صعوبات ولكنه يعرف أن أمامه غرضاً وإن الوصول إليه أمر لا بد له منه فإذا تطرقت إليه الشكوك فترت عزيمته وتراخت همته لذلك ينبغي نفي الشكوك لأن النجاح موكول للعزائم والعزائم مقرونة بنواصي الفكر وكل يوم تعمل فيه عملاً تسير فيه خطوات في سبيل النجاح ولو لم يسفر العمل عن نتيجة راضية. وكل مسألة تحلها تساعد في إدراك الغاية لأنه تنشئ الشعور بالرضى وتسهل متابعة العمل والسرور به فترى من هذه المقدمات أن كل نجاح مادياً كان أم أدبياً مرتبط بخاصة التفاؤل وأننا كلما امتلكنا ناصية هذه الخاصة (الصفة) ازددنا نجاحاً وسعادة.

ومن ثم وجب على من يروم السعادة أن يكون من المتفائلين إذ التفاؤل رائد النجاح. لأن المتشردين والبلة الذين يزحمون الشوارع على المارة وينامون في الطرقات ليلاً ويكونو عالة على المجتمع الإنساني لم يكونوا كذلك لو كانوا من طائفة المتفائلين. ولا ريب أن بعضهم هووا إلى هذه الوهدة لفقد الذراع القوية التي تنتشلهم من هاوية الخمول ولو كان لهم قوة الاعتماد على النفس التي تنشئ التفاؤل لما كفوا عن الجهاد وبعضهم سقطوا فيها بسبب المسكر إن المسكر ينشيء سدوداً صناعية لأنه يبلد العقل والإنسان يرغب فيه بمحض الإرادة ولو كان الناس كلهم متشائمين لأصبح العالم جحيماً لا يطاق وسكناه علقماً مر المذاق. ومن المؤكد أن في العالم قواماً ينيرون فضاءه كما ينير ضوء الشمس فضاء الكون أولئك هم المتفائلون ولا ريب في أنهم يؤثرون على غيرهم فيحملونهم على مشاكلتهم والتشبه بهم. فإذا أردت أن تكون إنساناً بالمعنى الصحيح وجب عليك مماثلتهم فذلك خير لك ولمن هم حولك واعلم أن تأثير قدوتك كموج البحر يسير في دوائر متسعة فيؤثر في الذين تلاقيهم والذين لا تلاقيهم وتكون قدوتك سبباً في تحسين أحوال العالم ومتى قمت بهذا الواجب عملت خيراً ونلت ثناء الناس وعطفهم وظفرت بالسعادة المثلى والنجاح مادياً