للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصانع المشهور ليفتروي وصناديق حلي ومراوح غير ذلك من اصناف اللعب والطرف والزخارف مما كان يألفه النساء في أواخر القرن السالف يوم جن الناس ولوعاً ببلونات (مونتجولفيير) ومغناطيسية مسمر فوقف هرمان خلف الحاجز فألفى لدى ظهره سريراً منالحديد وعلى يمينه الباب المفضي إلى المقصورة. وعلى يساره الباب المؤدي إلى الدهليز ففتح الثاني فأبصر السلم المتعرج المنتهي إلى حجرة الوصيفة المسكينة. . ولكنه كر راجعاً فدخل المقصورة المظلمة.

مر الوقت بطيئاً وكان السكون سائداً ودقت الساعة واحدة فرن صداها في أرجاء الحجرة ثم عادا السكون ولبث واقفاً مرتكزاً على رف الموقد الخامد. وكان رابط الجأش يدق قلبه دقات منتظمة مطردة دأب الرجل الذي يكون قد عزم على أمر هائل خطر ولكنه محتوم لا مرد عنه ولا مناص منه. ثم دقت الساعة نصفاً بعد الواحدة ثم اثنتين بعد منتصف الليل. فبلغ أذنيه من أقصى مسافة دقدقة الحوافر وجلجلة العجلات من مركبة الكونتيس العائدة وهنا اعترته هزة شديدة ورجفة عنيفة. وتقدمت المركبة ثم وقف فسمع صوت سلم المركبة وهو يدلى، وإذا بالخدام والوصائف وسائر أهل القصر كلهم في هرج ومرج. فكان الخدام يتسارعون ويتسابقون في كل مكان. وقد امتلأ فراغ القصر جلبة ولجباً وأشعلت الغرف وتألقت أنوارها. ودخل مرقد الكونتيس ثلاثة وصائف عجائز وعلى أثرهن الكونتيس ذاتها وقد نهكها التعب وأعياها النصب فتهالكت على كرسي من طراز فولتير.

وقد أشرفت على الهلاك وكأن إحدى قدميها في القصر والأخرى في القبر فهي أحق أن تسمى ميتة من أن تعد مع الأحياء فنظر هرمان خلال شق في الحاجز وإذا بليزافيتا تمر به كثب وإذا به يسمع وقع قدميها السريعتين أثناء صعودها السلم الحلزوني.

فأحس لحظة من الوقت بما يشبه وخز المضير ولذعة الندم ولكنه كان إحساساً طياراً كلمحة البرق ثم عاد قلبه إلى سيرته الأولى من التحجر.

أخذت الكونتيس تخلع ثيابها أمام مرآتها فنضت قبعتها المكللة بالأزهار ثم نزعت قنزعتها المذرور عليها المسحوق عن شعرها الأشيب المجزور وتساقطت حولها المداري ودبابيس العشر كالأمطار الغزيرة وسقطت حلتها الحريرية المزركشة الصفراء على قدميها الوارمتين.