للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الناري وكنت أرى أحشاءه الملتهبة من بين ذلك البخار الأسود المرتفع من صدره، وإن شاباً ممتلئاً بالعواطف يجلس على فوهة بركان منهمل الدموع نادباً حظ الإنسانية التي لا يكاد يرى آثارها من مجلسه هذا لجدير أن تسعه رحمتكما ويشمله حنانكما ولكن مهما اختلفت ظنونكما برنيه فإن هذا الوصف يظهر لكما صورة أخلاقه ومن ثم كان صوب ناظري ما عشت كون عظيم القدر غير المحسوس وهاوية سحيقة مفتوحة إلى جانبي. . وبعد نطق هذه الكلمات استولى على رنبه سكون وتاه في أودية التأملات والتفكير فنظر إليه الأب سويل نظرة استغراب أما الشيخ البصير شكتاس لما لم يسمع كلام زنيه فأخذ يفكر في أسباب ذلك الصمت ثم لمحت عينا زنيه فريقاً من الهنود مارين من السهل وقد شملهم السرور ورفت على وجوههم لمحات الابتهاج والصفاء فاكتسى وجهه هيئة الحنو والرفق في أسرع من نغبة الطائر وانسكبت من عينيه الدموع دراكاً وهتف قائلاً أيها المستوحشون السعداء لم لا يتاح لي هدوء مثل المتاح لكم ولقد طوفت في الآفاق وجنيت من تجوالي ثمرة قليلة وأنتم تستظلون في هدوء تحت أشجار البلوط وتتركون الدهر وحبله على غاربه لا توكلون به فكراً وتدعون المقادير تجري في أعنتها غير حاسبين لها حساباً ولا تفكرون في غير حوائجكم ومرافق حياتكم وتصلون لي غاية الحكمة من طريق أقرب وأوضح من الطريق الذي نسلكه إليها مثل الأطفال بين اللعب والنوم وإذا أرهقكم يوماً ذلك الحزن الذي ينشأ وفرة السعادة وفيض النعيم فسرعان ما تصدع أرواحكم عنها قيوده وعيونكم موجهة نحو السماء تبحث هناك في رفق وهوادة عن ذلك الكائن المستور الذي يرسل عليكم رحمته ويحوطكم بعنايته. وهنا ضعف رينيه وأمسك عن الكلام وأسند رأسه إلى صدره فمد شكتاس يده في الظلام ولما قبض على ذراع ولده رنيه قال له بصوت تترقرق فيه مياه الإخلاص ويسمع من نبراته صدى الحب: يا ولدي - يا ولدي العزيز فاستفاق رينيه من غشيته عند ما ولجت في أذنه تلك الكلمات وسأل أباه الصفح عنه ثم قال شكتاس إن نبضات قلب مثل قلبك لا تكون متساوية متناسبة ولكن نهنه من غرب طباعك التي ساقت إليك الكثير من صنوف الأكدار وضروب الآلام وإذا كان نصيبك من شقاء الحياة وعثور الجد أوفى وأوفر من نصيب غيرك فلا يهولنك ذلك ولا يرعك فإن الروح الكبيرة الواسعة تحي من ألوان الحموم وأفانين الآلام ما لا تتيع له الروح الصغيرة فاستمر