للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إبراهيم فهو حنيف عند العرب وقال الأخفش الحنيف المسلم وكان في الجاهلية يقال من اختتن وحج البيت حنيف لأن العرب لم تتمسك في الجاهلية بشيء من دين إبراهيم غير الختان وحج البيت فكل من اختتن وحج قيل له حنيف فلما جاء الإسلام تمادت الحنيفية فالحنيف المسلم.

وقال الزجاح نصب (حنيفاً) في هذه الآية على الحال والمعنى بل نتبع ملة إبراهيم في حل حنيفيته ومعنى الحنيفية في اللغة الميل أي أن إبراهيم حنف إلى دين الله ودين الإسلام (والمراد بالإسلام هنا معناه الأصلي كما قدمنا في أول هذه الكلمة) وإنما أخذ الحنف من قولهم رجل أحنف ورجل حنفاء وهو الذي تميل قدماه كل واحدة إلى أختها بأصابعها وقال الجوهري الحنيف المسلم وقد سمي المستقيم بذلك كما سمي الغراب أعور وتحنف الرجل أي عمل عمل الحنيفية ويقال اختتن ويقال اعتزل الأصنام وتعبد قال جران العود:

ولم رأينا الصبح بادرن ضوءه ... رسيم قطا البطحاء أوهن أقطف

وأدركن أعجازاً من الليل بعدما ... أقام الصلاة العابد المتحنف

إلى آخر ما جاء هناك مما لا يكاد يغاير ما أثبتناه هنا - وكل ما قاله اللغويون في ذلك على أن ظاهره الخلاف فإنه مجمع على أن الحنف الميل فإما ميل عن الشيء وهو أصل معناه وأما ميل إليه وقد تكلفوه من تسمية دين إبراهيم به أما الحنيفية فكالإسلام كلتاهما من الألفاظ التي انتقلت من وضعها الأصلي إلى معنى اصطلاحي لمكان المناسبة بينهما فدين إبراهيم حنيفاً لأنه مال عن دين الصابئة دين الأصنام وعبادة غير الله إلى دين يخلص إلى الله التوحيد والعبادة ويشتمل من أنواع العبادة وضروب الفطرة على الحج إلى بيت الله والاختتان وما إليهما فهذا مثار ما ترى من ذلك الغبار - قلنا إن الصابئة لما رأت الكواكب تختفي بالنهار وفي بعض أوقات الليل تخذت لها أصناماً وتماثيل على مثل الكواكب والنيرات فكان ذلك دليلاً على أنهم ما كانوا في الأصل ليعبدوا الأصنام لذاتها وإنما لتقربهم إلى الله أو إلى الكواكب وتقوم مقامهم - قال شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية في كتابة (إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان) الصابئة هم قوم إبراهيم عليه السلام الذين ناظرهم في بطلان الشرك وكسر حجتهم بعلمه وآلهتهم بيده فطلبوا تحريقه وهو مذهب قديم في العالم وأهله طوائف شتى فمنهم عباد الشمس. زعموا أنها ملك من الملائكة