للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يغريها ويغويها وينصب لها من مصايد كيده حتى نشبت في الحبالة. وأنه استعان على لذك بإضعاف عقلها يحميها الشراب وعصفة الكأس على أنه لم يبلغ منها وطراً سوى ما كان من ذلك الغمز والتجميش على الخوان فكل ما أتته هو هفوة بسيطة في بعض فترات الغفلة والغرة وليست بسقطة ولا جريمة. وأنها على هذه الهفوة النادمة ندامة غيرها على الإثم والجناية - فهي قاتلة نفسها حسرة لا محالة وهي قاضية نحبها وكمداً ولوعة - حتى ولو غفرت لها وعفوت عنها.

وكانت في أثناء ذلك يبكي بكاء مراً وقد استنفدت دموع الندامة الصريحة والتوبة الصحيحة ونفضت جعبة اللفظ الخلاب والكلم الجذاب في سبيل استمالتي وتعزيتي واستعطافي وتسليتي. ولم أر أجمل منظراً منها ساعة ركعت لي وسط الحجرة وقد علاها شحوب واصفراراً واضطربت هيئتها وتشوشت ثيابها وانتفش شعرها واسندل على منكبيها - أجل لم أر أحسن منها بهجة وأملح رواء وهي على هذه الحال.

فلقد والله هاج المنظر حواسي فارتجفت ورهبة من هذا الهياج وعاقبته.

ثم خرجت متعباً مكدوداً منهوك القوى لا أكاد أبصر أو أسمي وعزمت على أن لا أراها ثانية ولكني عدت إليها قبل اقضاء ربع ساعة. وما أدري أي قوة خفية كاتن تدفع بي إليها. ولقد قامت بنفسي في رغبة شديدة في حيازتها مرة أخرى لأشرب على نحرها المشرق وترائبها المصقولة دموعها ودموعي ثم أقتلها وانتحر.

والواقع أني كنت أمقتها وأعبدها. وكنت أشعر أن حبها مضيعتي ومتلفتي ولكني كنت أشعر أيضاً أن حياتي من دونها إحدى المستحيلات فأسرعت إلى غرفتها كالبرق الخاطف ولم أقف! أكلم أحداً من الخدم ولكني دخلت بلا تردد ففتحت عليها باب حجرتها.

فألفيتها جالسة إلى المرآة تتجمل وتتبرح وقد تكللت بالجواهر وتجللت بالدرر واللآل. وإن خادمتها؟؟؟؟ شعرها وترجله، وتضفره وتعقصه والغانية ممسكة في يدها قطعة من مادة حمراء كانت تدلك بها وجنتيها دلكاً رفيقاً ليناً. عند ذلك أحسست كأني في حلم إذ لم أستطع أتصور أن هذه هي عين المرأة التي رأيتها منذ ربع ساعة منطرحةً على الأرض في غمرة من الحزن والكمد. فمثلت ثابتاً مكاني كالنصب جامد الحركة شاخص البصر. وكانت هي لما سمعت الباب يفتح لفتت رأسها مبتسمة وقالت أهذا أنت؟