للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقد خرج عليه قوم كثير عددهم شديد بأسهم لأمر أخذوه عليه ورأوه غير مرضى لديهم ودافعوا عن رأيهم ذلك بالسيف والرمح واللسان أشد دفاع حتى أكلتهم الحروب وذهبت شوكتهم وفنى سوادهم ولم ينج منهم إلا من لا يرفع الناس به رأساً ولا يشغل أمرهم رأي أحد - وهؤلاء هم (الخوارج) الذين عزمنا على ذكر أخبارهم وحروبهم إن شاء الله.

[أخبار الخوارج]

كان من خبر هذه الطائفة أنهم لما رأوا ما فعله عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان في وقعة (صفين) من رفع المصاحف على أطرا الرماح وقتما أحسا بالهزيمة - حملو سيدنا علياً (ض) على ترك القتال فأبى ذلك عليهم وتردد كثيراً وأبان لهم أن هذه خدعة فلم يقبلوا ذلك منه فطاوعهم مكرهاً.

ثم تخابر الجيشان في الأمر فعينا حكمين ليفصلا في شأن إمارة المؤمنين وهما عمرو بن العاص من قبل معاوية وأبو موسى الأشعري من جهة على وذلك في شهر صفر سنة ٣٧ فسكن الهرج على أن يكون حكم الحكمين في رمضان من تلك السنة ولما اجتمع الحكمان وختل عمرو بن العاص أبا موسى الأشعري فخلع هذا عليا وأثبت عمرو صاحبه عاد سيدنا علي إلى مطاولة معاوية ومقاومته لخطأ الحكمين وتركهما مراعاة السنة والكتاب وما سجل عليهما في كتاب عقد الصلح.

وعند ذلك قام هؤلاء القوم الذين أكرهوا علياً كرم الله وجهه أولاً على ترك القتال وقبول التحكيم - وثانياً - على تعيين أبي موسى حكماً واجتمعوا في دار زيد بن حصين الطائي وبايعوا عبد الله بن وهب الراسي ثم الازدي وذلك لعشر خلون من شوال سنة ٣٧هـ -.

فلما بلغ أمرهم علياً كرم الله وجهه بعث إليهم ابن عباس (ض) مرات لمناظرتهم وكذلك توجه إليهم بنفسه.

فمن مناظرة ابن عباس لهم أنه قال لهم ما الذي نقمتم على أمير المؤمنين - قالوا قد كان للمؤمنين أميراً فلما حكم في دين الله خرج من الإيمان فليتب بعد أقراره بالكفر نعد له فقال ابن عباس لا ينبغي لمؤمن لم يَثُب إيمانه شك أن يقر على نفسه بالكفر - قالوا إنه قد حكم قال ابن عباس إن الله عز وجل قد أمر بالتحكيم في قتل صيد فقال عز وجل: {يحكم به ذوا عدل منكم} فكيف في إمامة قد أشكلت على المسلمين - فقالوا أنه قد حكم عليه فلم يرض