للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان عم زايد لا يعرف حتى ولا أصحاب المنزل الذي يخدم فيه وسادته الذي نشأ فيهم وقضى حياته في ظلهم إلا إذا كانوا داخل جدران المنزل. فإذا خرجوا إلى حاجة لهم أو مشوار من المشاوير فالتقى بهم في طريقه لم يعرفهم ولم ينظر إليهم ولم يلتفت أو يدر مكانهم منه إلا إذا استوقفه أحدهم فذكره بأسمه أو عرفه بصوته. فإذا أنت بعثت به إلى شراء شيء من السوق ثم خرجت في أثره تمشي في السوق لترى ماذا هو صانع وجئت حتى حاذيته فلا تتوقع أن ينظر إليك أو يتبينك وإن حك ذراعك بذراعه. وقد تقف بجانبه أمام البائع وتأخذ في جدل معه أو حوار فلا يدرك من أنت وما شأنك.

ولم أر عم زيد في دموع ولم أشهده باكياً وقد يقف في جنازة سيد من ساداته مبتسماً بين النواجذ كما يقف يوم العرس لا يدري ماذا شغل الناس حوله. . . . أعلى ميت يبكون أم تلك عروس إلى عروس يزجون. على أنه كان متزوجاً ولكن لم يكن زواجه بلاهة منه كما هو من بلاهات العقلاء بل كان بلاهة من أسياده إذ رأوا جارية لهم تناهز السن التي كان هو يعض عليها، فزوجوهما على بركة الله ولم يجتمع الزوجان في شيء اجتماعهما في خصلة واحدة هو أنه كان أفطس الأنف وكانت هي بسلامتها فطساء. ولم يفترقا في شيء افتراقهما في شيء واحد: هو أنها كانت نصف عاقلة. وكان هو تام البلاهة. فجعلت تشده إلى العقل وجعل هو يجذبها إلى البلاهة. فلما لم تتغلب عليه ولما لم يتغلب عليها جعلت هي تضحك منه مع الضاحكين. وجعل هو الآخر يسخر منها ومن الناس أجمعين.