للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفعالة النفسية، ما تكون وأين توجد، وهذا الضوء، هذا البهاء، هذا الرباب الضحيان الأغر، هذه القوة الجميلة المجملة - الابتهاج يا سيدتي الفاضلة، الابتهاج الذي لم يسوغه أبداً إلا الاتقياء وحدهم وفي أتقى ساعة لهم، وهو الحياة وعصير الحياة، رباب وشؤبوب في آن. الابتهاج يا سيدتي هو الروح والقوة تهبنا إياه الطبيعة صداق زفافها علينا. هو أرض جديدة وسماء جديدة لم يحلم بها الفاسق ولا الأصعر الصليف - الابتهاج هو الصوت الحلو، الابتهاج الابتهاج هو الرباب الضحيان - وإنا لنبتهج في داخل أنفسنا ومن تلقاء أنفسنا، ومنها يتدفق كل مايفتن بعدها السمع منا والبصر فكل الأنغام أصداء لذياك الصوت وكل الألوان سطوع وانتشار لذياك الضوء.

(٦)

ولقد جازت بي - على الرغم من خشونة السنن - حقيبة من الدهر كان فيها ابتهاجي هذا يداعب كل ملمة وضيق، ولم تكن الرزايا كلها إلا بمثابة مادة يصوغ لي منها الخيال أحلام سعادة، لأنة الأمل إذ ذاك كان يزكو حولي كالكرم المؤتشبة أفنانه، وكانت الثمار والأوراق التي تخص غيري كأنما تختصني. وأما الآن فالنكبات تقوس إلى الرغام كاهلي ولو أنها اقتصرت على استلاب تهللي ومرحي ما حفلت بها ولا اكترثت لها لكنها - وأبؤس نفسي - في كل زيارة تعطل ما أودعته في الطبيعة منذ ميلادي من روح الخيال الفاطر فلا اعني اليوم بما يجب أن يخامر إحساسي ويستولي على مشاعري بل الاستسلام والصبر كل مقدروي ولقد رأيت أن أنصرف إلى أبحاث الفلسفة الجافة العويصة عسى استل من فطرتي كل الرجل الفطري، وكانت هذه خطتي التي أترسم وحيلتي التي إليها أركن فإذا بالذي يناسب الجزء يعدي الكل حتى لصار الآن ديدن نفسي.

(٧)

إليك عني يا أفاعي الهواجس التي تلتف حول عقلي، يا رؤيا الحقيقة المعتمة. بي أتحول عنك منصتاً إلى الريح التي طال في الخارج هذيانها دون أن تسترعي إليها انتباهي. فيالها من صرخة نزع هائلة نبهني بها مزهرها وكأنما مدفيها التعذيب. ولكن، أيتها الريح الهاذية الهاذرة ألا ترين أن الجلمد العاري والغدير في قنة الطود والشجرة المسفوعة وحرج الصنوبر السحوق الذي لم يبلغ إليه تسلق حطاب، والدار المنعزلة اتخذتها الساحرات مثوى