للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذي ينطق بأمثال الآيات الآتية:

إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء

صل من قطعك واحسن إلى من ساء إليك

أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم

ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك

وليذكر القارئ أن هذه الآيات والأحاديث ليس مما يصدر عن صاحب مبدأ غيور متحمس لكنه ضعيف غير ذي بأس أو فيلسوف خيالي ينشر من المبادئ ما لا طاقة له بتنفيذه قد يديه الأحزاب المعاكسة والقوات المعاندة ولكنها كلمات رجل في غلواء قوته وعنفوان شبابه على رأس حكومة قوية محكمة النظام قادر على تنفيذ مبادئه بحد سيفه المشهور.

ونحن ما زلنا نرى في عالم السياسة والديانة أن الأفراد والأحزاب لا تحض عل خلة التسامح والرفق والتجاوز إلا وهي حالة الضعف والعجز. حتى إذا ما اجتمع إليهم من الحول والطول ما يستطيعون به محاربة الأحزاب المعارضة ذهب ما كانوا يدعون من حب التسامح والتجاوز واستبدلوا به القسوة والاضطهاد. فلا رقى قسطنطين عرش القياصرة زال الخطر عن المسيحية وأمنت شر المسيئين والمعتدين، ولكن منذ هذه الساعة ابتدأت المسيحية خطة من العسف الطغيان والبطش والاضطهاد لا يدانيها في الفظاعة إلا خطة اليهود من قبل. قال المؤرخ ليكي: لم تكد الكنسية المسيحية تكتسب السلطة المدنية في حكم قسطنطين حتى سلكت أسوأ مناهج السقوة والقهر والإكراه سواء ضد اليهود والوثنيين والخوارج. فتولت التنكيل بهم على أشنع آلات العذاب - تحرقهم على جمرات نيران بطيئة الالتهام، وتنضج جلودهم على جذوات أفران متمهلة الضرام، لتربهم بذلك مبلغ ما وصلت إليه المسيحية من الرأفة والرفق والإنساني. وأعجب من ذلك أن ترى زعماء المسيحية قد جعلوا واحداً بعد واحد يكتبون الرسائل عن قداسة القسوة والاضطهاد ومن بين هؤلاء قديس قد اشتهر بالبر والتقوى - فهذا أدلى بالعدد الجم من البراهين والادلة على صواب اتخاذ أشنع وسائل العقاب والتمثيل، وأفظع طرائق العذاب والتنكيل، محتجاً بوق المسيح ما معناهأرغموهم على الدخول في الدين.

تلك شيمة النصرانية، ولكن انظر إلى الإسلام في أقصى صولته وسلطانه لما دخل محمد